للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: (حدّثنا فليح) هو ابن سليمان (عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار) بالتحتية والمهملة المخففة (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يومًا يحدّث) أصحابه (وعنده رجل من أهل البادية) لم يسم والواو للحال.

(أن رجلاً من أهل الجنة) بفتح همزة أن لأنه في موضع المفعول (استأذن ربه) عز وجل أي يستأذن ربه فأخبر عن الأمر المحقق الآتي بلفظ الماضي (في) أن يباشر (الزرع) يعني سأله تعالى أن يزرع (فقال) ربه تعالى: (له ألست) وفي رواية محمد بن سنان: أو لست بزيادة واو استفهام تقريري يعني أو لست كائنًا (فيما شئت) من المشتهيات (قال بلى) الأمر كذلك (ولكني) بالياء بعد النون ولأبي ذر ولكن (أحب أن أزرع) فأذن له (قال فبذر) بالذال المعجمة أي ألقى البذر على أرض الجنة (فبادر) بالدال المهملة وفي رواية محمد بن سنان فأسرع فبادر (الطرف) بفتح الطاء وسكون الراء نصب على المفعولية لقوله (نباته واستواؤه واستحصاده) من الحصد وهو قلع الزرع (فكان أمثال الجبال) يعني أنه لما بذر لم يكن بين ذلك وبين استواء الزرع ونجاز أمره كله من الحصد والتذرية والجمع إلا كلمح البصر وكان كل حبة منه مثل الجبل وفيه أن الله تعالى أغنى أهل الجنة فيها عن تعب الدنيا ونصبها (فيقول الله تعالى دونك) بالنصب على الإغراء أي خذه (يا ابن آدم فإنه) أي فإن الشأن (لا يشبعك شيء فقال الأعرابي) أي ذلك الرجل الذي من أهل البادية (والله لا تجده إلا قرشيًا أو أنصاريًّا فإنهم)

أي قريشًا والأنصار (أصحاب زرع وأما نحن) أي أهل البادية (فلسنا بأصحاب زرع فضحك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

فإن قلت: ما وجه إدخال هذا الحديث هنا؟ أجاب ابن المنير للتنبيه على أن أحاديث المنع من الكراء إنما جاءت على الندب لا على الإيجاب لأن العادة فيما يحرص عليه ابن آدم أشد الحرص أن لا يمنع من الاستمتاع به وبقاء حرص هذا الحريص من أهل الجنة على الزرع وطلب الانتفاع به حتى في الجنة دليل على أنه مات على ذلك لأن المرء يموت على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه، فدل ذلك على آخر عهدهم من الدنيا جواز الانتفاع بالأرض واستثمارها ولو كان كراؤها محرمًا عليه لفطم نفسه عن الحرص عليها حتى لا يثبت هذا القدر في ذهنه هذا الثبوت انتهى.

وهذا الحديث هو لفظ الإسناد الثاني ومتن السند الأول يأتي في التوحيد إن شاء الله تعالى.

٢١ - باب مَا جَاءَ فِي الْغَرْسِ

(باب ما جاء في الغرس).

٢٣٤٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّا كُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ لَنَا كُنَّا نَغْرِسُهُ فِي أَرْبِعَائِنَا فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ -لَا أَعْلَمُ إِلَاّ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ وَلَا وَدَكٌ- فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلَا نَقِيلُ إِلَاّ بَعْدَ الْجُمُعَةَ".

وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) قال: (حدّثنا يعقوب) القاريّ بغير همز نسبة إلى قارة حيّ من العرب، ولأبي ذر: يعقوب بن عبد الرحمن وأصله مدني سكن الإسكندرية (عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج المدني (عن سهل بن سعد) الأنصاري الساعدي (-رضي الله عنه- أنه قال: إنّا كنّا نفرح) ولأبوي ذر والوقت عن الكشميهني: إن بسكون النون كنا لنفرح (بيوم الجمعة كانت لنا عجوز) لم تسم (تأخذ من أصول سلق لنا) بكسر السين المهملة (كنا نغرسه في أربعائنا) نهرنا الصغير أو ساقيتنا الصغيرة (فتجعله في قدر لها فتجعل فيه حبات من شعير) قال يعقوب: (لا أعلم إلا أنه قال ليس فيه شحم ولا ودك) بفتح الواو والدال المهملة دسم اللحم (فإذا صلينا الجمعة زرناها) أي العجوز (فقربته إلينا) زاد في الجمعة فنلعقه (فكنا نفرح بيوم الجمعة من أجل ذلك) الذي تصنعه العجوز (وما كنا نتغدى ولا نقيل) من القيلولة (إلا بعد) صلاة (الجمعة) وموضع الترجمة من الحديث قوله كنا نغرسه في أربعائنا، وقد سبق في باب قول الله عز وجل: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} [لجمعة: ١٠] في آخر كتاب الجمعة.

٢٣٥٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا: لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ -حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ- ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَىَّ ثَوْبٌ غَيْرَهَا حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقَالَتَهُ ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا. وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} - إِلَى - {الرَّحِيمُ}.

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري البصري قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: يقولون إن أبا هريرة يكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>