للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بفتح الحاء والراء المشددة المهملتين موضع معروف بالمدينة والمراد هنا مسايل الماء (التي يسقون بها النخل) وفي رواية شعيب: كانا يسقيان به كلاهما وذلك لأن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري فيحبسه لإكمال سقي أرضه ثم يرسله إلى أرض جاره (فقال الأنصاري) للزبير -رضي الله عنه- ملتمسًا منه تعجيل ذلك (سرَّح الماء) بفتح السين وكسر الراء المشددة وبالحاء المهملات أي أطلب الماء حال كونه (يمرّ فأبى عليه) أي امتنع الزبير على الذي خاصمه من إرسال الماء (فاختصما عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) ولأبي الوقت قال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للزبير):

(اسق يا زبير) بهمزة قطع مفتوحة كذا في الفرع وغيره وذكره الحافظ ابن حجر عن حكاية ابن التين له وقال إنه من الرباعي. وتعقبه العيني فقال: هذا ليس بمصطلح فلا يقال رباعي إلا لكلمة أصول حروفها أربعة أحرف، وسقى: ثلاثي مجرد فلما زيدت فيه الألف صار ثلاثيًّا مزيدًا فيه وفي بعض النسخ اسق بهمزة وصل من الثلاثي وهي في الفرع أيضًا وقدّمه في فتح الباري على حكاية الأول. وقال العيني اسق بكسر الهمزة من سقى يسقي من باب ضرب يضرب ولم يذكر الوصل والمعنى اسق شيئًا يسيرًا دون حقك (ثم أرسل الماء إلى جارك) الأنصاري وهمزة أرسل قطع مفتوحة، (فغضب الأنصاري فقال): أي الأنصاري (آن كان) الزبير (ابن عمتك) صفية بنت عبد المطلب حكمت له بالتقديم عليّ وهمزة أن مفتوحة ممدودة في الفرع وأصله مصحح عليها استفهام إنكاري وحكاه في الفتح عن القرطبي وقال: إنه لم يقع لنا في الرواية انتهى.

وكذا رأيته بالمد في الأصل المقروء على الميدومي وغيره وفي بعض الأصول وعليه شرح في الفتح والعمدة والمصابيح والمشكاة أن كان بفتح الهمزة وهي للتعليل مقدّرة باللام أي حكمت له بالتقديم والترجيح لأجل أنه ابن عمتك. قال الكرماني: وفي بعضها إن كان بكسر الهمزة قال في الفتح على إنها شرطية والجواب محذوف قال ولا أعرف هذه الرواية نعم وقع في رواية عبد الرحمن بن إسحاق عند الطبري فقال اعدل يا رسول الله وإن كان ابن عمتك والظاهر أن هذه بالكسر وابن بالنصب على الخبرية ولهذا القول نسب بعضهم الرجل إلى النفاق وآخرون إلى اليهودية لكن قال التوربشتي في شرح المصابيح وكلا القولين زائغ عن الحق إذ قد صح أنه كان أنصاريًّا لم تكن الأنصار من جملة اليهود ولو كان مغموصًا عليه في دينه لم يصفوه بهذا الوصف فإنه وصف مدح والأنصار وإن وجد فيهم من يرمى بالنفاق فإن القرن الأول والسلف بعدهم احترزوا أن يطلقوا على

من ذكر بالنفاق واشتهر به الأنصاري والأولى أن يقال أزلّه الشيطان فيه بتمكنه عند الغضب وغير مستنكر من الصفات البشرية الابتلاء بمثل ذلك إلا من المعصوم انتهى.

قال النوويّ قالوا ولو صدر مثل هذا الكلام من إنسان كان كافرًا تجري على قائله أحكام المرتدين من القتل، وإنما تركه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه كان في أول الإسلام يتألف الناس ويدفع بالتي هي أحسن ويصبر على أذى المنافقين ويقول لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه (فتلوّن) أي تغير (وجه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من الغضب لانتهاك حرمات النبوّة وقبيح كلام هذا الرجل (ثم قال) عليه الصلاة والسلام (اسق يا زبير) بهمزة وصل (ثم احبس الماء) بهمزة وصل أيضًا أي أمسك نفسك عن السقي (حتى يرجع) أي يصير الماء (إلى الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة ما وضع بين شربات النخل كالجدار أو الحواجز التي تحبس الماء. وقال القرطبي: هو أن يصل الماء إلى أصول النخل قال: ويروى بكسر الجيم وهو الجدار والمراد به جدران الشربات وهي الحفر التي تحفر في أصول النخل قال في شرح السُّنَّة قوله عليه الصلاة والسلام في الأول "اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك" كان أمرًا للزبير بالمعروف وأخذًا بالمسامحة وحُسْن الجوار لترك بعض حقه دون أن يكون حكمًا منه، فلما رأى عليه الصلاة والسلام الأنصاري يجهل موضع حقه أمر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزبير باستيفاء تمام

<<  <  ج: ص:  >  >>