للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمه الله تعالى نفي لاستواء الفريقين باعتبار القوة العلمية بعد نفيها باعتبار القوّة العملية على وجه أبلغ لمزيد فضل العلم، وقيل: تقرير للأوّل على سبيل التشبيه أي كما لا يستوي العالمون والجاهلون لا يستوي القانتون والعاصون.

(وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله المؤلف بعد بابين (من يرد الله به خيرًا يفقهه) في الدين، وللمستملي يفهمه بالهاء المشددة المكسورة بعدها ميم، وأخرجه بهذا اللفظ ابن أبي عاصم في كتاب العلم بإسناد حسن والتفقّه هو التفهّم، (وإنما العلم بالتعلم) بضم اللام المشددة على الصواب، وليس هو من كلام المؤلف، فقد رواه ابن أبي عاصم والطبراني من حديث معاوية مرفوعًا وأبو نعيم الأصفهاني في رياض المتعلمين من حديث أبي الدرداء مرفوعًا: إنما العلم بالتعلّم وإنما الحلم بالتحلّم ومن يتحرّ الخير يعطه، وفي بعض النسخ وهو في أصل فرع اليونينية بالتعليم بكسر اللام وبالمثناة التحتية وفي هامشها بالتعلم بضم اللام قال: وهو الصواب.

(وقال أبو ذر) جندب بن جنادة فيما وصله الدارمي في مسنده وغيره من حديث أبي مرثد لما قال له رجل والناس مجتمعون عليه عند الجمرة الوسطى يستفتونه: ألم تنه عن الفتيا وكان الذي منعه عثمان لاختلاف حصل بينه وبين معاوية بالشام في تأويل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّة} [التوبة: ٣٤] فقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب خاصة. وقال أبو ذر: نزلت فينا وفيهم، وأدّى ذلك إلى انتقال أبي ذر عن المدينة إلى الربذة (لو وضعتم الصمصامة) بالمهملتين الأولى مفتوحة أي السيف الصارم الذي لا ينثني أو الذي له حد واحد (على هذه وأشار إلى قفاه) كذا في فرع اليونينية وفي غيره إلى القفا وهو مقصور يذكر ويؤنث، (ثم ظننت أني أنفذ) بضم الهمزة وكسر الفاء آخره معجمة أي أمضي (كلمة سمعتها من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن تجيزوا) بضم المثناة الفوقية وكسر الجيم وبعد التحتية زاي الصمصامة (علي) أي على قفاي، والمعنى قبل أن تقطعوا رأسي (لأنفذتها) بفتح الهمزة والفاء وتسكين الدّال المعجمة، وإنما فعل أبو ذر هذا حرصًا على تعليم العلم طلبًا للثواب وهو يعظم مع حصول المشقة، واستشكل الإتيانُ هنا بلو لأنها لامتناع الثاني لامتناع الأوّل، وحينئذ فيكون المعنى انتفاء الإنفاذ لانتفاء الوضع وليس المعنى عليه.

وأجيب بأن "لو" هنا لمجرد الشرط كان من غير أن يلاحظ الامتناع أو المراد أن الإنفاذ حاصل على تقدير الوضع، فعلى تقدير عدم الوضع حصوله أولى فهو مثل قوله عليه السلام: نعم العبد صهيب

لو لم يخف الله لم يعصه، ولأبي الوقت هنا زيادة وهي قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليبلغ الشاهد الغائب وتقدم قريبًا.

(وقال ابن عباس) رضي الله عنهما فيما وصله ابن أبي عاصم والخطيب بإسناد حسن (كونوا ربانيين) أي (حلماء) جمع حليم باللام (فقهاء) جمع فقيه، وفي رواية حكماء بالكاف جمع حكيم (علماء) جمع عالم وهذا تفسير ابن عباس. وقال البيضاوي والرباني المنسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون كاللحياني والرقباني وهو الكامل في العلم والعمل. وقال البخاري حكاية عن قول بعضهم.

(ويقال الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره) أي بجزئيات العلم قبل كلياته أو بفروعه قبل أصوله أو بوسائله قبل مقاصده، أو ما وضح من مسائله قبل ما دقّ منها. ولم يذكر المؤلف حديثًا موصولاً، ولعله اكتفى بما ذكره أو غير ذلك من الاحتمالات والله أعلم.

١١ - باب مَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ كَىْ لَا يَنْفِرُوا

(باب ما كان) أي باب كون (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخوّلهم) بالخاء المعجمة واللام أي يتعهد أصحابه (بالموعظة) بالنصح والتذكير بالعواقب (والعلم) من عطف العام على الخاص، وإنما عطفه لأنها منصوصة في الحديث الآتي وذكر العلم استنباطًا (كي لا ينفروا) بفتح المثناة التحتية وكسر الفاء أي يتباعدوا.

٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. [الحديث ٦٨ - طرفاه في: ٧٠، ٦٤١١].

وبالسند السابق إلى المؤلف قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) بن واقد الفريابي الضبي، المتوفى في ربيع الأوّل سنة اثنتي عشرة ومائتين وليس هو محمد بن يوسف البيكندي لأنه إذا أطلق في هذا الكتاب محمد بن يوسف تعين الأوّل (قال: أخبرنا) وفي رواية ابن عساكر والأصيلي حدّثنا (سفيان) الثوري

<<  <  ج: ص:  >  >>