للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجعل عليه الصلاة والسلام يقول): (البيّنة وإلاّ حدّ)

بنصب البيّنة ورفع حدّ أي تحضر البيّنة وإن لم تحضرها فجزاؤك حدّ (في ظهرك) فحذف ناصب البيّنة وفعل الشرط والجزاء الأول من الجملة الجزائية والفاء. قال ابن مالك: وحذف مثل هذا لم يذكر النحاة أنه يجوز إلا في الشعر، لكنه يردّ عليهم وروده في هذا الحديث الصحيح، ولأبوي الوقت وذر: أو حدّ أي تحضر البيّنة أو يقع حدّ في ظهرك. قال في المصابيح: وفي هذا التقدير محافظة على تشاكل الجملتين لفظًا، وفي نسخة البيّنة بالرفع والتقدير: إما البيّنة وإما حدّ في ظهرك.

(فذكر) أي ابن عباس (حديث اللعان) الآتي تمامه في تفسير سورة النور مع ما فيه من المباحث إن شاء الله تعالى، والغرض منه هنا تمكين القاذف من إقامة البيّنة على زنا المقذوف لدفع الحدّ عنه ولا يرد عليه إن الحديث ورد في الزوجين والزوج له مخرج عن الحدّ باللعان إن عجز عن البيّنة بخلاف الأجنبي لأنّا نقول: إنما كانت ذلك قبل نزول آية اللعان حيث كان الزوج والأجنبي سواء، وإذا ثبت ذلك للقاذف ثبت لكل مُدّعٍ من باب أولى قاله في الفتح، ومن قبله الزركشي في تنقيحه. وقال في المصابيح: إنه كلام ابن المنير بعينه.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في التفسير والطلاق.

٢٢ - باب الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ

(باب اليمين بعد العصر) أي بيان ما جاء في فعلها بعد العصر.

٢٦٧٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ. وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً لَا يُبَايِعُهُ إِلَاّ لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى وَإِلَاّ لَمْ يَفِ لَهُ. وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَأَخَذَهَا".

وبه قال: (حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا جرير بن عبد الحميد) بن قرط بضم القاف وسكون الراء وبالطاء المهملة الضبي الكوفي نزيل الريّ وقاضيها (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(ثلاثة) من الناس (لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم) فإن من سخط على غيره أعرض عنه زاد في المساقاة يوم القيامة (ولا يزكيهم) ولا يطهرهم (ولهم عذاب أليم) مؤلم على ما فعلوه (رجل على فضل ماء) فضل عن كفايته (بطريق يمنع منه) أي من الفاضل من الماء (ابن السبيل) المسافر، (ورجل بايع رجلاً) وفي المساقاة بايع إمامًا والمراد الإمام الأعظم (لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه ما يريد وفى له) بتخفيف الفاء ويقال وفى بعهده وفاء بالمد وأما بالتشديد فيستعمل في توفية الحق وإعطائه (وإلا) بأن

لم يعطه ما يريد (لم يفِ له) بما عاقده عليه (ورجل ساوم رجلاً بسلعة) جار ومجرور، ولأبوي ذر والوقت: سلعة: بالنصب على المفعولية (بعد العصر فحلف بالله لقد أعطى) بفتح الهمزة بائعها الذي اشتراها منه، ولأبي ذر أُعطي بضم الهمزة أي أعطاه من يريد شراءها (بها) أي بسببها ولغير الكشميهني به أي بالمتاع الذي يدل عليه السلعة (كذا وكذا) ثمنًا عنها (فأخذها) أي السلعة الرجل الثاني بالثمن الذي حلف عليه المالك اعتمادًا على حلفه وتخصيص هذا الوقت بتعظيم الإثم على من حلف فيه كاذبًا. قال المهلب: لشهود ملائكة الليل والنهار ذلك الوقت: قال في الفتح: وفيه نظر لأن بعد صلاة الصبح مشاركة له في شهود الملائكة ولم يأتِ فيه ما أتي في وقت العصر ويمكن أن يكون اختصّ بذلك لكونه وقت ارتفاع الأعمال.

وهذا الحديث قد سبق في باب: إثم من منع ابن السبيل من الماء.

٢٣ - باب يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَلَا يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ قَضَى مَرْوَانُ بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ

فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ.

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا دُونَ مَكَانٍ.

هذا (باب) بالتنوين (يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين ولا يصرف من موضع الى غيره) للتغليظ وجوبًا، وهذا قول الحنفية فلا يغلظ عندهم بمكان كالتحليف في المسجد ولا بزمان كالتحليف في يوم الجمعة قالوا لأن ذلك زيادة على النص. وقال الحنابلة واللفظ للمرداوي في تنقيحه: ولا تغلظ إلا فيما له خطر كجناية وطلاق إن قلنا يحلف فيهما. وقال الشافعية: تغلظ ندبًا ولو لم يطلب الخصم تغليظها لا بتكرير الأيمان لاختصاصه باللعان والقسامة ووجوبه فيهما ولا بالجمع لاختصاصه باللعان بل بتعديد أسماء الله تعالى وصفاته وبالزمان والمكان سواء كان المحلوف عليه مالاً أم غيره كالقود والعتق والحدّ والولاء والوكالة والوصاية والولادة، لكن استثنى

<<  <  ج: ص:  >  >>