للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(تأمل الغنى) بسكون الهمزة وضم الميم تطمع فيه (وتخشى الفقر ولا تمهل) بالجزم بلا الناهية ولأبي ذرّ: ولا تمهل أصله تتمهل فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا (حتى إذا بلغت) الروح أي قاربت (الحلقوم) بضم الحاء المهملة مجرى النفس عند الغرغرة: "قلت لفلان كذا ولفلان كذا"، مرتين كناية عن الموصى له والموصى به فيهما (وقد كان لفلان) أي وقد صار ما أوصى به للوارث فيبطله إن شاء إذا زاد على الثلث أو أوصى به لوارث آخر، ويحتمل أن يراد بالثلاثة من يوصى له وإنما أدخل كان في الأخير إشارة إلى تقدير القدر له. وفي الحديث أن التصدق في الصحة ثم في الحياة أفضل من صدقته مريضًا وبعد الموت، وفي الترمذي بإسناد حسن وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء مرفوعًا "مثل الذي يعتق ويتصدق عند موته مثل الذي يهدي إذا شبع" وعن بعض السلف أنه قال في بعض أهل الترفه: يعصون الله في أموالهم مرتين يبخلون بها

وهي في أيديهم يعني في الحياة ويسرفون فيها إذا خرجت عن أيديهم يعني بعد الموت فإن الشيطان ربما زين لهم الحيف في الوصية.

٨ - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١]

وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ. وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ جَازَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ مِنْهُ جَازَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ. ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ". وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا ائتُمِنَ خَانَ». وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ. فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

(باب قول الله تعالى) ولأبي ذر: عز وجل: ({من بعد وصية يوصي بها أو دين}) [النساء: ١١] قال البيضاوي كالزمخشري متعلق بما تقدمه من قسمة المواريث كلها أي هذه الأنصباء للورثة من بعد ما كان من وصية أو دين، وإنما قال بأو التي للإباحة دون الواو للدلالة على أنهما متساويان في الوجوب مقدّمان على القسمة مجموعين ومنفردين، وقدّم الوصية على الدين وهي متأخرة في الحكم لأنها مشبهة بالميراث شاقة على الورثة مندوب إليها والدين إنما يكون على النذور، وقال غيرهما تجوّز بالوصية عن المال الموصى به والتقدير من بعد أداء وصية أو إخراج وصية، وقد تكون الوصية مصدرًا كالفريضة وتكون من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه لأن الوصية قول.

وأجاب ابن الحاجب عن تقدم الوصية على الدين وإن كان الدين أقوى وتقدمته الوجه بأن حكم أو في كلام العرب والقرآن حكم الاستثناء في أن ما بعدها يرفع ما قبلها بدليل: تقاتلونهم أو يسلمون فإن الإسلام رافع للمقاتلة، وكأنه قال تقاتلونهم إلا أن يسلموا أو إن لم يسلموا فكذلك هذه الآية فكأنه قال: من بعد وصية يوصي بها إلا أن يكون دين فلا تقدم.

(ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه (أن شريحًا) القاضي فيما وصله ابن أبي شيبة بإسناد فيه جابر الجعفي وهو ضعيف (وعمر بن عبد العزيز) مما لم يقف الحافظ ابن حجر على من وصله (وطاوسًا) مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف أيضًا (وعطاء) هو ابن أبي رباح مما

وصله ابن أبي شيبة أيضًا (وابن أُذينة) بضم الهمزة وفتح الذال المعجمة وبعد التحتية الساكنة نون عبد الرحمن قاضي البصرة التابعي الثقة مما وصله ابن أبي شيبة أيضًا بإسناد رجاله ثقات (أجازوا إقرار المريض بدين).

(وقال الحسن) البصري مما وصله الدارمي (أحق ما تصدق به الرجل) على وزن تفعل بصيغة الماضي (آخر يوم) أي في آخر يوم (من الدنيا) ويجوز رفع آخر خبرًا لأحق (وأوّل يوم من الآخرة) بنصب أوّل عطفًا على السابق ويجوز الرفع كما مر في آخر. وقال العيني كالكرماني ما يصدق بالبناء للمفعول من التصديق. قال الكرماني: وهو المناسب للمقام أي أن إقرار المريض في مرض موته حقيق بأن يصدق به ويحكم بإنفاذه.

(وقال إبراهيم) النخعي (والحكم) بن عتيبة فيما وصله ابن أبي شيبة عنهما (إذا أبرأ) أي المريض (الوارث من الدين برئ وأوصى رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة آخره جيم الأوسي الأنصاري مما لم يقف عليه الحافظ ابن حجر موصولاً (أن لا تكشف امرأته) بضم المثناة الفوقية وفتح الشين المعجمة مبنيًّا للمفعول وامرأته رفع نائب عن الفاعل وسقط امرأته للكشميهني (الفزارية) بفتح الفاء والزاي وبعد الألف راء (عما أغلق عليه بابها) رفع نائب عن الفاعل وأغلق مبني للمفعول، وللحموي والمستملي: عن مال

<<  <  ج: ص:  >  >>