للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: ٢٣] إلى آخر الأية).

٢٨٠٦ - وَقَالَ: "إِنَّ أُخْتَهُ -وَهْيَ تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَرَضُوا بِالأَرْشِ وَتَرَكُوا الْقِصَاصَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ".

(وقال: إن أخته-) أي أخت أنس بن النضر وهي عمة أنس بن مالك (وهي تسمى الربيع-) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد التحتية (كسرت ثنية امرأة) زاد في الصلح فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبو فأتوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالقصاص، فقال أنس): هو ابن النضر المستشهد يوم أُحُد (يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنينها)، قاله توقعًا ورجاءً من فضله تعالى أن يرضى خصمها ليعفو عنها ابتغاء مرضاته (فرضوا بالأرش) عوضًا عن القصاص (وتركوا القصاص، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه) في قسمه وهو ضد الحنث وقصة الربيع هذه سبقت في باب الصلح في الدّية من كتاب الصلح.

٢٨٠٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ح. وحَدَّثَنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ أُرَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إِلَاّ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ، وَهْوَ قَوْلُهُ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} " [الحديث ٢٨٠٧ - أطرافه في: ٤٠٤٩، ٤٦٧٩، ٤٧٨٤، ٤٩٨٦، ٤٩٨٨، ٤٩٨٩، ٧١٩١، ٧٤٢٥].

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب.

(وحدّثنا) ولغير أبي ذر حدّثني بالإفراد وإسقاط واو العطف، وفي نسخة ح للتحويل وحدّثني بالإفراد والواو (إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (أخي) أبو بكر عبد الحميد (عن سليمان) بن بلال (أراه) بضم الهمزة أي أظنه (عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن خارجة بن زيد) الأنصاري (أن زيد بن ثابت) الأنصاري (-رضي الله عنه-) واللفظ لابن أبي عتيق ويأتي لفظ شعيب إن شاء الله تعالى في سورة الأحزاب (قال: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت) بفتح القاف (آية من سورة الأحزاب) وسقط لأبي ذر سورة (كنت أسمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ بها فلم أجدها إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شهادته شهادة رجلين) خصوصية له -رضي الله عنه- لما كلم عليه الصلاة والسلام رجلاً في شيء فأنكره فقال خزيمة: أنا أشهد فقال عليه الصلاة والسلام: "أتشهد ولم تستشهد" فقال: نحن نصدقك على خبر السماء فكيف بهذا فأمضى شهادته وجعلها بشهادتين وقال لا تعد (وهو قوله) تعالى: ({من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}) [الأحزاب: ٢٣].

واستشكل كونه أثبتها في المصحف بقول واحد أو اثنين إذ شرط كونه قرآنًا التواتر. وأجيب: بأنه كان متواترًا عندهم ولذا قال: كنت أسمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ بها، وقد روي أن عمر - رضي الله عنه- قال: أشهد لسمعتها من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكذا عن أُبي بن كعب وهلال بن أمية فهؤلاء جماعة.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير وفي فضائل القرآن والترمذي والنسائي في التفسير هذا.

١٣ - باب عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْقِتَالِ

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ.

وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ * إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: ٢ - ٤].

(باب) بالتنوين يذكر فيه (عمل صالح قبل القتال): وفي نسخة باب عمل صالح بالإضافة.

(وقال أبو الدرداء): عويمر بن مالك الأنصاري مما ذكره الدينوري في المجالسة (إنما تقاتلون بأعمالكم) أي متلبسين بأعمالكم، (وقوله عز وجل) بالرفع عطفًا على المرفوع السابق ({يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}). كان المؤمنون يقولون لو علمنا أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون} [الصف: ٤] فكرهوا القتال فوعظهم الله وأدّبهم فقال: لِمَ تقولون ما لا تفعلون ({كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}) أي عظم ذلك في البغض وهذا من أفصح الكلام وأبلغه في معناه قصد في كبر التعجب من غير لفظه، ومعنى التعجب بتعظيم الأمر في قلوب السامعين لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظائره وأشكاله، وأسند كُبر إلى أن تقولوا ونصب مقتًا على تفسيره دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه لفرط تمكن المقت منه واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض وأبلغه ({إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله}) أي في طاعته ({صفًّا}) صافين أنفسهم ({كأنهم بنيان مرصوص}) [الصف: ٣، ٤] أي كأنهم في تراصّهم بنيان رصّ بعضه إلى بعض والمراد أنهم لا يزولون عن أماكنهم، ولفظ رواية أبي ذر بعد قوله: {ما لا تفعلون} إلى قوله: {كأنهم بنيان مرصوص} فلم يذكر ما بينهما.

قال ابن المنير: ومناسبة الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>