للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إلا هذه الآية الجامعة) العامة الشاملة (الفاذة) بالفاء والذال المعجمة المشددة القليلة مثل المنفردة في معناها ({فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره}) [الزلزلة: ٧، ٨]. وفي هذه الآية كما قال ابن بطال: تعليم الاستنباط والقياس لأنه شبّه ما لم يذكر الله حكمه في كتابه وهي الحمر بما ذكره. وتعقبه ابن المنير بأن هذا ليس من القياس في شيء وإنما هو استدلال بالعموم وإثبات لصيغته خلافًا لمن أنكر أو وقف وسيكون لنا عودة إلى الكلام على هذا الحديث في علامات النبوّة إن شاء الله تعالى.

٤٩ - باب مَنْ ضَرَبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْغَزْوِ

(باب من ضرب دابة غيره) لما عيت (في الغزو) إعانة له.

٢٨٦١ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ: "أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنِي بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَ: سَافَرْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ -قَالَ أَبُو عَقِيلٍ: لَا أَدْرِي غَزْوَةً أَوْ عُمْرَةً- فَلَمَّا أَنْ أَقْبَلْنَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ. قَالَ جَابِرٌ: فَأَقْبَلْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ لِي أَرْمَكَ لَيْسَ فِيهِ شِيَةٌ وَالنَّاسُ خَلْفِي، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ قَامَ عَلَىَّ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا جَابِرُ اسْتَمْسِكْ، فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً، فَوَثَبَ الْبَعِيرُ مَكَانَهُ، فَقَالَ: أَتَبِيعُ الْجَمَلَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَسْجِدَ فِي طَوَائِفِ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا جَمَلُكَ. فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ وَيَقُولُ: الْجَمَلُ جَمَلُنَا. فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: أَعْطُوهَا جَابِرًا. ثُمَّ قَالَ: اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ".

وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي بالفاء قال: (حدّثنا أبو عقيل) بفتح العين وكسر القاف بشير بن عقبة الدورقي البصري قال: (حدّثنا أبو المتوكل) علي بن داود (الناجي) بالنون والجيم نسبة إلى بني ناجية بن سامة قبيلة كبيرة منهم (قال: أتيت جابر بن عبد الله الأنصاري) -رضي الله عنه- (فقلت له: حدّثني بما سمعت من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: سافرت معه في بعض أسفاره -قال أبو عقيل) بشير المذكور (لا أدري) قال أبو المتوكل (غزوة أو عمرة-) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أم عمرة بالميم بدل الواو، وقال داود بن قيس يعني الفراء الدباغ فيما علقه المؤلّف في الشرط عن عبيد الله بن مقسم عن جابر اشتراه بطريق تبوك فبين الغزوة جازمًا بها، ووافقه على ذلك عليّ بن زيد بن جدعان عن أبي المتوكل، لكن جزم ابن إسحاق بأنه كان في غزوة ذات الرقاع ورجح بأن أهل المغازي أضبط. (فلما أن أقبلنا) بزيادة أن (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(من أحب أن يتعجل إلى أهله فليعجل) بسكون اللام وضم التحتية بعدها عين مهملة وتشديد الجيم المكسورة، ولأبي ذر عن الكشميهني: فليتعجل بمثناة فوقية بعد التحتية من باب التفعل (قال جابر: فأقبلنا وأنا على جمل لي أرمك) بهمزة مفتوحة فراء ساكنة فميم مفتوحة فكاف يخالط حمرته سواد (ليس فيه) أي في الجمل ولأبي ذر فيها أي في الراحلة لأن الجمل راحلة (شية) بكسر الشين المعجمة وفتح التحتية المخففة علامة أي ليس فيه لمعة من غير لونه أو لا عيب فيه (والناس خلفي) جملة حالية من قوله: وأنا على جمل لي أي أن جمله كان يسبق جمال غيره (فبينا) بغير ميم (أنا كذلك إذ قام علي) أي وقف جملي من الإعياء والكلال كقوله تعالى: {وإذا أظلم عليهم قاموا} [البقرة: ٢٠]. أي وقفوا (فقال لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يا جابر استمسك، فضربه بسوطه ضربة فوثب البعير مكانه) ولأحمد

قلت: يا رسول الله أبطأ جملي هذا. قال: "أنخه" وأناخ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم قال: "أعطني هذه العصا" ففعلت فأخذها فنسخه بها نخسات ثم قال: "اركب" (فقال) (أتبيع الجمل)؟ (قلت: نعم) وفي باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة من كتاب الشروط من طريق عامر الشعبي عن جابر قلت: لا. ثم قال: بعنيه بوقية فبعته، وفي رواية داود بن قيس أحسبه بأربع أواق فاستثنيت حملانه إلى أهلي (فلما قدمنا المدينة ودخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسجد في طوائف أصحابه فدخلت إليه) ولأبي ذر عن الكشميهني: عليه (وعقلت الجمل) بالعقال (في ناحية البلاط) بفتح الموحدة الحجارة المفروشة عند باب المسجد (فقلت له) عليه الصلاة والسلام (هذا جملك) الذي ابتعته مني (فخرج) من المسجد (فجعل يطيف بالجمل ويقول: الجمل جملنا، فبعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أواق من ذهب فقال: أعطوها جابرًا) بقطع همزة أعطوها مفتوحة (ثم قال): (استوفيت الثمن)؟ (قلت: نعم. قال): (الثمن والجمل لك) هبة. قال السهيلي ما محصله أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما أخبر جابرًا بعد قتل أبيه بأُحد أن الله أحياه وقال ما تشتهي فأزيدك أكد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر بما يشبهه فاشترى منه الجمل وهو مطيته بثمن معلوم ثم وفر عليه الثمن والجمل وزاده على الثمن كما اشترى الله من المؤمنين أنفسهم بثمن هو الجنة ثم ردّ عليهم أنفسهم وزادهم كما قال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: ٢٦]. فتشاكل الفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>