للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فوقية وعين مهملة مفتوحتين واسمه عامر وتوفي حاطب سنة ثلاثين (إلى أناس من المشركين من أهل مكة) هم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل كما رواه الواقدي بسند له مرسل (يخبرهم ببعض أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولفظ الكتاب كما في تفسير يحيى بن سلام أما بعد: يا معشر قريش فإن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاءكم بجيش الليل يسير كالسيل فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده فانظروا لأنفسكم والسلام.

(فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (يا حاطب ما هذا)؟ (قال يا رسول الله لا تعجل عليّ إني كنت امرأَ ملصقًا في قريش) بفتح الصاد أي مضافًا إليهم ولا نسب لي فيهم من إلصاق الشيء بغيره وليس منه

أو حليفًا لقريش (ولم أكن من أنفسها) بضم الفاء في اليونينية وفي الفرع بفتحها مصلحًا. وعند ابن إسحاق ليس لي في القوم أصل ولا عشيرة. وقال السهيلي: كان حاطب حليفًا لعبد الله بن حميد بن زهير بن أسد بن عبد العزى (وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذا) أي حين (فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا) أي نعمة ومنّة عليهم (يحمون بها قرابتي) وفي رواية ابن إسحاق وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليه وأن في قوله أن أتخذ مصدرية في محل نصب مفعول أحببت (وما فعلت) ذلك (كفرًا ولا ارتدادًا) أي عن ديني (ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (لقد صدقكم) بتخفيف الدال أي قال الصدق وزاد في فضل من شهد بدرًا من المغازي ولا تقولوا إلا خيرًا. ولأبي ذر: وقد صدقكم فأسقط اللام التي قبل قاف قد (فقال عمر): بن الخطاب (-رضي الله عنه-: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق):

واستشكل إطلاق عمر عليه النفاق بعد شهادته عليه الصلاة والسلام بأنه ما فعل ذلك كفرًا ولا ارتدادًاً ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام. وهذه الشهادة نافية للنفاق قطعًا. وأجيب: بأنه إنما قال ذلك لما كان عنده من القوة في الدين وبغض المنافقين وظن أن فعله هذا يوجب قتله لكنه لم يجزم بذلك فلذا استأذن في قتله وأطلق عليه النفاق لكونه أبطن خلاف ما أظهر وعذره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه كان متأوّلاً إذ لا ضرر فيما فعله.

(قال): عليه الصلاة والسلام مرشدًا إلى علّة ترك قتله (وإنه قد شهد بدرًا) وكأنه قال: وهل أسقط عنه شهوده بدرًا هذا الذنب العظيم؟ فأجاب بقوله: (وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطّلع على أهل بدر) الذين حضروا وقعتها واستعمل لعل استعمال عسى فأتى بأن. قال النووي ومعنى الترجي هنا راجع إلى عمر لأن وقوع هذا الأمر محقق عند الرسول (فقال): تعالى مخاطبًا لهم خطاب تشريف وإكرام "اعملوا ما شئتم" في المستقبل "فقد غفرت لكم" عبّر عن الآتي بالواقع مبالغة في تحققه وعند الطبراني من طريق معمر عن الزهري عن عروة غافر لكم وفي مغازي ابن عائذ من مرسل عروة: اعملوا ما شئتم فسأغفر لكم. قال القرطبي: وهذا الخطاب قد تضمن أن هؤلاء حصلت لهم حالة غفرت بها ذنوبهم السابقة وتأهلوا أن تغفر لهم الذنوب اللاحقة إن وقعت منهم، وما أحسن قول بعضهم:

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع

وليس المراد أنهم نجزت لهم في ذلك الوقت مغفرة الذنوب اللاحقة بل لهم صلاحية أن يغفر لهم ما عساه أن يقع، ولا يلزم من وجود الصلاحية لشيء وجود ذلك الشيء وحمله البرماوي على أنهم لم يقع منهم ذنب في المستقبل ينافي عقيدة الدين بدليل قبوله عليه الصلاة والسلام عذره لما علم من صحة عقيدته وسلامة قلبه وقيل المراد غفران الماضي لا المستقبل، وتعقب بأن هذا الصادر من

حاطب إنما وقع في المستقبل لأنه صدر منه بعد بدر فلو كان للماضي لم يحصل التمسك به هنا، وقد أظهر الله تعالى صدق رسوله عليه الصلاة والسلام في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك فإنهم لم يزالوا

<<  <  ج: ص:  >  >>