للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحنفية: لا يجوز المنّ أصلاً لا بفداء ولا بغيره.

(و) في الباب أيضًا (قوله عز وجل) في سورة الأنفال: ({ما كان لنبي أن تكون له أسرى} [الأنفال: ٦٧] الآية) أي ما صح وما استقام لنبي من الأنبياء أن يأخذ أسارى ولا يقتلهم زاد في رواية أبي ذر وكريمة: ({حتى يثخن في الأرض}) [الأنفال: ٦٧]. يعني يغلب في الأرض وهذا تفسير أبي عبيدة، وعن مجاهد الإثخان القتل وقيل المبالغة فيه أي حتى يكثر فيعز الإسلام ويذل الكفر ({تريدون عرض الدنيا}) حطامها وهو الفداء (الآية). وتمامها: ({والله يريد الآخرة}) [الأنفال: ٦٧]. يريد لكم ثواب الآخرة أو سبب نيل الآخرة من إعزاز دينه وقمع أعدائه والله عزيز يغلب أولياءه على أعدائه حكيم يعلم ما يليق بكل حال ويخصه بها كما أمر بالإثخان ومنع من الافتداء حين كانت الشوكة للمشركين وخيّر بينه وبين المنّ لما تحولت الحال وصارت الغلبة للمؤمنين.

نزلت حين جاؤوا بأسارى بدر فاستشار -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيهم فقال عمر: هم أئمة الكفر والله أغناك عن الفداء فاضرب أعناقهم، وقال أبو بكر: هم قومك وأهلك لعل الله أن يتوب عليهم خذ منهم فدية تقوي بها أصحابك فقبل الفداء وعفا عنهم.

١٥١ - باب هَلْ لِلأَسِيرِ أَنْ يَقْتُلَ وَيَخْدَعَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ حَتَّى يَنْجُوَ مِنَ الْكَفَرَةِ؟ فِيهِ الْمِسْوَرُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

هذا (باب) بالتنوين (هل للأسير) في أيدي الكفار (أن يقتل ويخدع) ولأبي ذر: أو يخدع

(الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة فيه المسور) أي في حكم الباب حديث المسور بن مخرمة (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في صلح الحديبية وفيه وعلى أنه لا يأتيك منّا رجل ولو كان على دينك إلا رددته إلينا إلى أن قال: ثم رجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من ثمر لهم فقال: أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه حتى برد وفرّ الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين رآه: لقد رأى هذا ذعرًا. فلما انتهى إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله إليك ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم. قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد" فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج رجل من قريش قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهم فلم ينكر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أبي بصير قتله العامري ولا أمر فيه بقوَد ولا دية، وإنما لم يجزم المؤلّف -رحمه الله- بالحكم لأنه اختلف في الأسير يعاهد أن لا يهرب فقال الشافعي والكوفيون: لا يلزمه. وقال مالك: يلزمه، وقال ابن القاسم وابن الموّاز إن أكرهوه على أن يحلف لم يلزمه لأنه مكره، وقال بعض الفقهاء: لا فرق بين الحلف والعهد وخروجه عن بلد الكفر واجب والحجة في ذلك فعل أبي بصير وتصويب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعله اهـ.

قال أبو عبد الله الأبي: ولا حجة فيه لأنه ليس فيه إلا أن أبا بصير عاهدهم على ذلك والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما عاهدهم على أن لا يخرج معه بأحد منهم ولا يحبسه عنهم ولا عاهدهم على أن لا يخرج منهم من أسلم فيلزم ذلك أبا بصير.

١٥٢ - باب إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقُ؟

هذا (باب) بالتنوين (إذا حرق المشرك) الرجل (المسلم هل يحرق)؟ هذا المشرك جزاء لفعله.

٣٠١٨ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- "أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْغِنَا رِسْلاً، قَالَ: مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلَاّ أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ، فَانْطَلَقُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،

فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا وَطَرَحَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا".

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا.

وبه قال: (حدّثنا معلى) بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة ولغير أبي ذر ابن أسد قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد (عن أيوب) السختياني (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-

<<  <  ج: ص:  >  >>