للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غطفان وفزارة) بفتح الفاء والزاي قبيلتان من العرب فيها أبو ذر (فصرخت ثلاث صرخات أسمعت ما بين لابتيها) أي لابتي المدينة واللابة الحرة (يا صباحاه يا صباحاه) مرتين بفتح الصاد والموحدة وبعد الألف حاء مهملة فألف فهاء مضمومة، وفي الفرع سكونها وكذا في أصله منادى مستغاث والألف للاستغاثة والهاء للسكت، وكأنه نادى الناس استغاثة بهم في وقت الصباح. وقال ابن المنير: الهاء للندبة وربما سقطت في الوصل، وقد ثبتت في الرواية فيوقف عليها بالسكون. وقال القرطبي: معناه الإعلام بهذا الأمر المهم الذي دهمهم في الصباح وهي كلمة يقولها المستغيث. (ثم اندفعت) بسكون العين أسرعت في السير وكان ماشيًا على رجليه (حتى ألقاهم وقد أخذوها فجعلت أرميهم) بالنبل (وأقول: أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع) بضم الراء وتشديد الضاد المعجمة بعدها عين مهملة والرفع فيهما، ولأبي ذر نصب المعرف أي يوم هلاك اللئام من قولهم لئيم راضع وهو الذي رضع اللؤم من ثدي أمه، وكل من نسب إلى لؤم فإنه يوصف بالمص والرضاع. وفي المثل: ألأم من راضع، وأصله أن رجلاً من العمالقة طرقه ضيف ليلاً فمص ضرع شاته لئلا يسمع الضيف صوت الحلب فكثر حتى صار كل لئيم راضعًا سواء فعل ذلك أو لم يفعله. وقيل: المعنى اليوم يعرف من رضع كريمة فأنجبته أو لئيمة فهجنته أو اليوم يعرف من أرضعته الحرب من صغره وتدرب بها من غيره. (فاستنقذتها) بالقاف والذال المعجمة (منهم) أي استخلصت اللقاح من غطفان وفزارة (قبل أن يشربوا) أي الماء (فأقبلت بها) حال كوني (أسوقها فلقيني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وكان قد خرج عليه الصلاة والسلام إليهم غداة الأربعاء في الحديد متقنعًا في خمسمائة. وقيل: سبعمائة بعد أن جاء الصريخ ونودي: يا خيل الله اركبي وعقد للمقداد بن عمرو لواء وقال له: امضِ حتى تلحقك الخيول وأنا على أثرك.

(فقلت: يا رسول الله إن القوم) يعني غطفان وفزارة (عطاش) بكسر العين المهملة (وإني أعجلتهم أن يشربوا) مفعول له أي كراهة شربهم (سقيهم) بكسر السين وسكون القاف أي حظهم

من الشرب (فابعث في إثرهم) بكسر الهمزة وسكون المثلثة. وعند ابن سعد قال سلمة: فلو بعثتني في مائة رجل واستنقذت ما بأيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم. (فقال) عليه الصلاة والسلام:

(يا ابن الأكوع ملكت) أي قدرت عليهم فاستعبدتهم وهم في الأصل أحرار (فأسجح)، بهمزة قطع وسين مهملة ساكنة وبعد الجيم المكسورة حاء مهملة أي فارفق وأحسن بالعفو ولا تأخذ بالشدة (إن القوم) غطفان وفزارة (يقرون) بضم المثناة التحتية وسكون القاف والواو بينهما راء مفتوحة آخره نون أي يضافون (في قومهم) يعني أنهم وصلوا إلى غطفان وهم يضيفونهم ويساعدونهم فلا فائدة في البعث في الأثر لأنهم لحقوا بأصحابهم وزاد ابن سعد فجاء رجل من غطفان فقال: مرّوا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورًا فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هرابًا؛ الحديث. وفيه معجزة حيث أخبر عليه الصلاة والسلام بذلك وكان كما قاله. وفي بعض الأصول من البخاري يقرون بضم الراء مع فتح أوله أي: ارفق بهم فإنهم يضيفون الأضياف فراعى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك لهم رجاء توبتهم وإنابتهم، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: يقرون بفتح أوله وكسر القاف وتشديد الراء، ولأبي ذر: من قومهم.

وهذا الحديث الثاني عشر من ثلاثيات البخاري، وأخرجه أيضًا في المغازي وكذا مسلم، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة.

١٦٧ - باب مَنْ قَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلَانٍ

وَقَالَ سَلَمَةُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ.

(باب من قال: خُذها) أي الرمية (وأنا ابن فلان وقال سلمة) في حديثه السابق: (خذها وأنا ابن الأكوع). المشهور في الرمي بالإصابة عن القوس وهذا على سبيل الفخر وهو منهي عنه إلا في هذه الحالة لاقتضاء الحال هنا فعله لتخويف الخصم.

٣٠٤٢ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: "سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ الْبَرَاءُ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُوَلِّ يَوْمَئِذٍ، كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَتِهِ، فَلَمَّا غَشِيَهُ الْمُشْرِكُونَ نَزَلَ فَجَعَلَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ. قَالَ: فَمَا رُئِيَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ".

وبه قال: (حدّثنا عبيد الله) بتصغير العبد ابن موسى بن باذام العبسي الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو

<<  <  ج: ص:  >  >>