للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عن ابن أبي مليكة) عبد الله (عن المسور) ولأبي ذر عن المسور بن مخرمة (قدمت على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقبية) والمسور وأبوه مخرمة صحابيان فالحديث موصول في هذه الطريق. (تابعه) أي تابع أيوب (الليث) بن سعد الإمام على وصله (عن ابن أبي مليكة) عن المسور هذه المتابعة وصلها في باب كيف يقبض المتاع في الهبة والحاصل أنه اتفق اثنان عن أيوب على إرساله ووصله ثالث عن أيوب ووافقه آخر عن شيخهم واعتمد المؤلّف الموصول لحفظ من وصله فظهر أن رواية الأصيلي الموصولة في الرواية الأولى وهم كما مرّ.

١٢ - باب كَيْفَ قَسَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ من نَوَائِبِهِ

هذا (باب) بالتنوين (كيف قسم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قريظة والنضير وما أعطى) عليه الصلاة والسلام (من ذلك في) ولأبي ذر عن الكشميهني: من (نوائبه).

٣١٢٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّخَلَاتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ".

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود) ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي واسم أبي الأسود حميد قال: (حدّثنا معتمر عن أبيه) سليمان بن طرخان التيمي أنه (قال: سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: كان الرجل) أي من الأنصار (يجعل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النخلات) أي من عقارهم هدية ليصرفها في نوائبه (حتى افتتح قريظة) أي حصنًا كان لقريظة (و) أجلى (النضير فكان بعد ذلك يرد عليهم) نخلاتهم وكانت النضير مما أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وانجلى عنها أهلها بالرعب فكانت خالصة له عليه الصلاة والسلام فحبس منها لنوائبه وما يعروه وقسم أكثرها في المهاجرين خاصة دون الأنصار وأمرهم أن يعيدوا إلى الأنصار ما كانوا واسوهم به لما قدموا عليهم المدينة ولا شيء لهم، فاستغنى الفريقان جميعًا ثم فتحت قريظة لما نقضوا العهد فحوصروا فنزلوا على حكم سعد وقسمها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أصحابه وأعطى من نصيبه في نوائبه أي في نفقات أهله ومن يطرأ عليه، ويجعل الباقي في السلاح والكراع عدّة في سبيل الله.

وهذا الحديث مختصر من حديث يأتي إن شاء الله تعالى بتمامه مع بيان كيفية قسمه عليه السلام المترجم بها في المغازي بعون الله وقوته.

١٣ - باب بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُلَاةِ الأَمْرِ

(باب بركة الغازي في ماله) بالموحدة وصحفه بعضهم بالمثناة الفوقية، ويؤيده قوله (حيًّا وميتًا) أي في حال كونه حيًا وميتًا فكم من فقير أغناه الله ببركة غزوه (مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وولاة الأمر).

٣١٢٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: "لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: يَا بُنَىِّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلَاّ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّي لَا أُرَانِي إِلَاّ سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا فَقَالَ: يَا بُنَىِّ، بِعْ مَا لَنَا، فَاقْضِ دَيْنِي. وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ -يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ- فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ. قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ -خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ- وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ: يَا

بُنَىِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْ شَىْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَاىَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلَاكَ؟ قَالَ: اللَّهُ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَاّ قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ، فَيَقْضِيهِ. فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ -رضي الله عنه- وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِلَاّ أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ, وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَارًا بِالْكُوفَةِ، وَدَارًا بِمِصْرَ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ إنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا, وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ. وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلَا شَيْئًا إِلَاّ أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ -رضي الله عنهم-. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ قَالَ: فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي: كَمْ عَلَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمَهُ فَقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ. فَقَالَ حَكِيمٌ: وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَىْ أَلْفٍ وَمِائَتَىْ أَلْفٍ؟ قَالَ: مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي. قَالَ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ. فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ: ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ. فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ -وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ- فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا. قَالَ: فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا. قَالَ: قَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَكَ مِنْ هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا. قَالَ فَبَاعَ فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ. وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ -وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ زَمْعَةَ- فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: كَمْ قُوِّمَتِ الْغَابَةُ؟ قَالَ: كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ: كَمْ بَقِيَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ. فَقَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمْ بَقِيَ؟ فَقَالَ: سَهْمٌ وَنِصْفٌ. قَالَ: أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ: وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ. فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا. قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ: أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ. قَالَ: فَجَعَلَ كَلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ. فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ. قَالَ: وَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ".

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي (قال: قلت لأبي أسامة) حماد بن أسامة الليثي (أحدثكم) بهمزة الاستفهام، ولابن عساكر: حدثكم بإسقاطها (هشام بن عروة) لم يذكر جواب الاستفهام لكن عند إسحاق بن راهويه في مسنده بهذا

الإسناد قال: نعم، حدّثني هشام بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن) أخيه (عبد الله بن الزبير) أنه (قال: لما وقف الزبير) بن العوّام (يوم) وقعة (الجمل) التي كانت بين عائشة ومن معها وبين علي ومن معه -رضي الله عنهم- على باب البصرة سنة ست وثلاثين بعد مقتل عثمان وأضيفت الوقعة إلى الجمل لكون عائشة كانت عليه حال الوقعة حتى عقر (دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم) عند خصمه (أو مظلوم) عند نفسه لأن كلا الفريقين كان يتأول أنه على الصواب قاله ابن بطال. وقال السفاقسي: إما صحابي يتأول فهو مظلوم وإما غير صحابي قاتل لأجل الدنيا فهو ظالم وقد كان الزبير وطلحة وغيرهما من كبار الصحابة خرجوا مع عائشة لطلب قتلة عثمان وإقامة الحدّ عليهم لا لقتال عليّ لأنه لا خلاف أن عليًّا كان أحق بالإمامة من جميع أهل زمانه وكان قتلة عثمان لجؤوا إلى عليّ فرأى أنه لا يسلمهم للقتل حتى يسكن حال الأمة وتجري الأمور على ما أوجب الله فكان ما قدر الله مما جرى به القلم، ولذا قال الزبير لابنه لما رأى شدّة الأمر وأنهم لا ينفصلون إلا عن تقاتل (وإني لا أراني) بضم الهمزة أي لا أظنني (إلا سأقتل اليوم مظلومًا) لأنه لم ينو قتالاً ولا عزم عليه أو لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بشر قاتل ابن صفية بالنار". (وإن من أكبر

<<  <  ج: ص:  >  >>