للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصلاة والسلام قد أجرنا من أجرتِ لأنه يكون تحصيلاً للحاصل، فهذا يدل على أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الذي أجار ولولا تنفيذه لما نفذ جوارها. وهل تنفيذ الجوار على القول بأنه موقوف إجارة مؤتنفة أو لا؟ هي قاعدة اختلف فيها كتنفيذ الورثة وصية المورث بما زاد عن الثلث، فقيل ابتداء عطية منهم فيشترط شروط العطية من الجوز وغيره، وقيل لا يشترط ذلك والتنفيذ ليس ابتداء عطية، وانظر ما في أمان الآحاد من المسلمين إذا عقدوه لأهل مدينة عظيمة مثل أن تؤمن امرأة أهل القسطنطينية هل يجب على الإمام تنفيذ ذلك أو إنما ينفذ تأمينهم للآحاد؟ يبحث فيه عن النص غير أن المتأخرين أجازوا للآحاد إعطاء الأمان، وقالوا مطلقًا ومقيدًا قبل الفتح وبعده هكذا في الصبح الصادع.

(قالت أم هانئ: وذلك) ولابن عساكر: وذاك (ضحى).

وهذا الحديث قد سبق في باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به في أوائل كتاب الصلاة.

١٠ - باب ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجِوَارُهُمْ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ

هذا (باب) بالتنوين (ذمة المسلمين وجوارهم واحدة) خبر المبتدأ الذي هو ذمة المسلمين وجوارهم عطف عليه والمعنى أن كل من عقد أمانًا لأحد من أهل الحرب جاز أمانه على جميع المسلمين دنيا كان أو شريفًا عبدًا أو حرًّا رجلاً أو امرأة، واتفق مالك والشافعي على جواز أمان العبد قاتل أو لم يقاتل، وأجازه أبو حنيفة وأبو يوسف إن كان قاتل، وسقط من بعض النسخ لفظ وجوارهم (يسعى بها) أي بذمة المسلمين يعني أمانهم (أدناهم) أي أقلهم عددًا فيدخل فيه الواحد والمرأة لا العبد عند أبي حنيفة إلا إن قاتل فيدخل كما مرّ.

٣١٧٢ - حَدَّثَني مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلَاّ كِتَابُ اللَّهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَقَالَ: فِيهَا الْجِرَاحَاتُ وَأَسْنَانُ الإِبِلِ، وَالْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى فِيهَا مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ. وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ".

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (محمد) هو ابن سلام كما قاله ابن السكن قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (وكيع) هو ابن الجراح (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم التيمي عن أبيه) يزيد بن شريك التيمي تيم الرباب أنه (قال: خطبنا عليّ) هو ابن أبي طالب (فقال: ما عندنا كتاب) في أحكام الشريعة (نقرؤه) بضم الهمزة (إلا كتاب الله) زاد أبو ذر: تعالى (وما في هذه الصحيفة؟ فقال: فيها الجراحات) أي أحكامها (وأسنان الإبل) أي إبل الدّيات مغلظة ومخففة (والمدينة حرام) يحرم صيدها ونحوه (ما بين عير) بفتح العين المهملة وبعد التحتية الساكنة راء منوّنة جبل (إلى كذا) قيل جبل أُحُد (فمن أحدث فيها) في المدينة (حدثًا) بفتح الحاء والدال المثلثة أمرًا منكرًا ليس معروفًا في السنة ولأبي ذر عن الحموي: حدثه (أو آوى فيها محدثًا) بمدّ آوى في اللازم والمتعدي جميعًا لكن القصر في اللازم والمدّ في المتعدي أشهر ومحدثًا بكسر الدال أي صاحب الحدث الذي جاء ببدعة في الدين أو بدل سنة (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) والمراد باللعنة البعد عن رحمة الله والجنة أول الأمر بخلاف الكفار فإنها البعد عنهما كل البعد أولاً وآخرًا (لا يقبل منه صرف ولا عدل)، أي فريضة ولا نفل وقيل غير ذلك ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لا يقبل الله صرفًا ولا عدلاً (ومن تولى) أي اتخذ أولياء أو موالي (غير مواليه فعليه مثل ذلك). الذي على من أحدث فيها (وذمة المسلمين واحدة)، وهذا مناسب لصدر الترجمة، وأما قوله فيها يسعى بذمتهم أدناهم فأشار به إلى ما في طريق سفيان عن الأعمش في باب: إثم من عاهد ثم غدر من ذكرها ثم، وعند الإمام أحمد وعند ابن ماجه عن ابن عباس مرفوعًا: المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم (فمن أخفر مسلمًا) بهمزة مفتوحة فحاء معجمة ساكنة وبعد الفاء المفتوحة راء أي فمن نقض عهد مسلم (فعليه مثل ذلك) الوعيد المذكور في حق من أحدث في المدينة حدثًا.

وهذا الحديث قد سبق في باب حرم المدينة.

١١ - باب إِذَا قَالُوا صَبَأْنَا وَلَمْ يُحْسِنُوا أَسْلَمْنَا

هذا (باب) بالتنوين (إذا قالوا) أي المشركون حين يقاتلون (صبأنا) بهمزة ساكنة (ولم يحسنوا) أن يقولوا (أسلمنا) جريًا منهم على لغتهم.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ".

وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا قَالَ مَتْرَسْ فَقَدْ آمَنَهُ، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ كُلَّهَا. وَقَالَ: تَكَلَّمْ. لَا بَأْسَ.

(وقال ابن عمر) -رضي الله عنهما- مما أخرجه مطوّلاً موصولاً في غزوة الفتح (فجعل خالد) هو ابن الوليد لما بعثه عليه الصلاة والسلام إلى بني هدبة فقالوا: صبأنا وأرادوا

<<  <  ج: ص:  >  >>