للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس بلفظ: {إن هؤلاء متبر ما هم فيه} [الأعراف: ١٣٩] قال خسران والخسران تفسير التتبير الذي اشتق منه المتبر. وقال في الأنوار: متبر مكسر مدمر يعني أن الله يهدم دينهم الذي هم فيه ويحطم أصنامهم ويجعلها رضاضًا. ({وليتبروا}) [الإسراء: ٧] أي (يدمروا {ما علوا}) أي (ما غلبوا). بفتح الغين المعجمة واللام وذكره استطرادًا.

٣٤٠٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَجْنِي الْكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ. قَالُوا: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ: وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَاّ وَقَدْ رَعَاهَا». [الحديث ٣٤٠٦ - طرفه في: ٥٤٥٢].

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن) بن عوف (أن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما- قال: كنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بمرّ الظهران (نجني الكباث) بكاف فموحدة مفتوحتين وبعد الألف مثلثة ثمر الأراك النضيج (وأن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) لمن معه من أصحابه:

(عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه قالوا: أكنت ترعى الغنم)؟ إذ لا يميز بين أنواعه غالبًا إلا من يلازم رعي الغنم (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وهل من نبي) موسى وغيره (إلا وقد رعاها)؟ ليترقى من سياستها إلى سياسة من يرسل إليه ويأخذ نفسه بالتواضع وتصفية القلب بالخلوة، وفيه إشارة إلى أن النبوة لم يضعها الله تعالى في أبناء الدنيا والمترفين منهم، وإنما جعلها في أهل التواضع قاله الخطابي ووقع عند النسائي في التفسير بإسناد رجاله ثقات افتخر أهل الإبل والشاء فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "بعث موسى وهو راعي غنم". ووقع في رواية النسفيّ ذكر باب من غير ترجمة وحينئذٍ فهو كالفصل من باب قول الله تعالى {وواعدنا موسى} [الأعراف: ١٤٢] قيل فتكون مطابقة الحديث للترجمة من حيث إن فيه حالة من حالات موسى عليه السلام لدخوله في عموم قوله: "ما من نبي إلا رعاها" لا سيما. ووقع التصريح بذكر موسى عند النسائي كما سبق.

وقال في فتح الباري: ومناسبة الحديث غير ظاهرة يعني لقوله {يعكفون على أصنام لهم} والذي يهجس في خاطري أنه كان بين التفسير المذكور والحديث بياض أخلاه لحديث يدخل في الترجمة والترجمة تصلح لحديث جابر، ثم وصل كما في نظائره وقيل غير ذلك مما لا يخلو عن تعسف فالله أعلم.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأطعمة وكذا مسلم وأخرجه النسائي في الوليمة.

٣٠ - باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآيَةَ [البقرة: ٦٧] قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ الْعَوَانُ: النَّصَفُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالْهَرِمَةِ. {فَاقِعٌ}: صَافٍ. {لَا ذَلُولٌ}: لَمْ يُذِلَّهَا الْعَمَلُ. {تُثِيرُ الأَرْضَ}: لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلَا تَعْمَلُ فِي الْحَرْثِ. {مُسَلَّمَةٌ}: مِنَ الْعُيُوبِ. {لَا شِيَةَ} بَيَاضٌ. {صَفْرَاءُ}: إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ وَيُقَالُ صَفْرَاءُ كَقَوْلِهِ: {جِمَالَاتٌ صُفْرٌ}. {فَادَّارَأْتُمْ}: اخْتَلَفْتُمْ.

هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({وإذا قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}) [البقرة: ٦٧] أول هذه القصة قوله تعالى {وإذ قتلتم نفسًا فادّارأتم فيها}.

قال في الكشاف، فإن قلت: فما للقصة لم تقص على ترتيبها وكان حقها أن يقدم ذكر القتيل والضرب ببعض البقرة على الأمر بذبحها وأن يقال: {وإذ قتلتم نفسًا فادّارأتم فيها}

[البقرة: ٧٢] فقلنا اذبحوا بقرة واضربوه ببعضها. وأجاب: بأن كل ما قص من قصص بني إسرائيل إنما قص تعديدًا لما وجد منهم من الجنايات وتقريعًا لهم عليها ولما جدد فيهم من الآيات العظام، وهاتان القصتان كل واحدة منهما مستقلة بنوع من التقريع وإن كانتا متصلتين متحدتين، فالأولى: لتقريعهم على الاستهزاء وترك المسارعة إلى الامتثال وما يتبع ذلك، والثانية: للتقريع على قتل النفس المحرمة وما تبعه من الآيات العظيمة، وإنما قدمت قصة الأمر بذبح البقرة على ذكر القتيل لأنه لو عمل على عكسه لكانت قصة واحدة ولذهب الغرض في تثنية التقريع.

وحاصل القصة: إنه كان في بني إسرائيل شيخ موسر فقتل ابنه بنو أخيه ليرثوه وطرحوه على باب المدينة، ثم جاؤوا يطالبون بدمه، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها ليحيا فيخبر بقاتله فعجبوا من ذلك فقالوا: {أتتخذنا هزوًا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض} [البقرة: ٦٧ - ٦٨] يعني لا هرمة ولا بكر يعني ولا صغيرة {عوان بين ذلك} (قال أبو العالية): رفيع الرياحي فيما وصله آدم بن أبي إياس في تفسيره (عوان) وفي اليونينية العوان بالتعريف وفي فرعها بالتنكير أي (النصف) بفتح النون والمهملة (بين البكر والهرمة). وقال الضحاك عن ابن عباس: بين الكبيرة والصغيرة وهي أقوى ما يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>