للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عن ابن عباس) رضي الله عنهما حال كونه (يبلغ به) بفتح أوّله وضم ثالثه وسقط لفظ به لغير الأربعة أي يصل ابن عباس بالحديث (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا كلام كريب أي أنه ليس موقوفًا على ابن عباس، بل هو مسند إلى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكنه يحتمل أن يكون بواسطة بأن يكون سمعه من صحابي سمعه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأن يكون بدونها (قال) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(لو أن أحدكم إذا أتى أهله) أي زوجته وهو كناية عن الجماع (قال: بسم الله اللَّهمَّ جنّبنا) أي أبعد عنا (الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) أي الذي رزقتناه، والمراد الولد وإن كان اللفظ أعم (فقضي) بضم القاف وكسر الضاد (بينهما) أي بين الأحد والأهل وللمستملي والحموي فقضي بينهم بالميم نظرًا إلى معنى الجمع في الأهل (ولد) ذكرًا كان أو أنثى (لم يضره) الشيطان بضم الراء على الأفصح أي لا يكون له على الولد سلطان، فيكون من المحفوظين، أو المعنى لا يتخبطه الشيطان ولا يداخله بما يضرّ عقله أو بدنه أو لا يطعن فيه عند ولادته أو لم يفتنه بالكفر، وروى ابن جرير في تهذيب الآثار بسنده عن مجاهد قال: إذا جامع الرجل أهله ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فذلك قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: ٥٦].

٩ - باب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْخَلَاءِ

هذا (باب ما يقول عند) إرادة دخول (الخلاء) بالمد أي موضع قضاء الحاجة وهو المرحاض والكنيف والحش والمرفق وسمي به لأن الإنسان يخلو فيه.

١٤٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ».

تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ: "إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ". وَقَالَ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ: "إِذَا دَخَلَ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ: "إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ". [الحديث ١٤٢ - طرفه في: ٦٣٢٢].

وبالسند إلى البخاري رحمه الله تعالى قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا شُعبة) بن الحجاج (عن عبد العزيز بن صهيب) بضم الصاد المهملة (قال: سمعت أنسًا) حال كونه (يقول):

(كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا دخل الخلاء) أي إذا أراد دخول الخلاء (قال: اللهمَّ إني أعوذ بك من الخبث) بضم المعجمة والموحدة وقد تسكن، وهي رواية الأصيلي كما في فرع اليونينية ونص عليها غير واحد من أهل اللغة. نعم صرح الخطابي بأن تسكينها ممنوع وعدَّه من أغاليط المحدثين، وأنكره عليه النووي وابن دقيق العيد لأن فعلاً بضم الفاء والعين تخفف عينه بالتسكين اتفاقًا، ورده الزركشي في تعليق العمدة بأن التخفيف إنما يطرد فيما لا يلبس كعنق من المفرد ورسل من الجمع لا فيما يلبس كحمر فإنه لو خفف ألبس بجمع أحمر، وتعقبه صاحب مصابيح الجامع بأنه لا يعرف هذا التفصيل لأحد من أئمة العربية بل في كلامه ما يدفعه فإنه صرّح بجواز التخفيف في عنق مع أنه يلبس حينئذ بجمع أعنق وهو الرجل الطويل العنق، والأنثى عنقاء بيّنة العنق وجمعهما عنه بضم العين وإسكان النون اهـ.

(والخبائث) أي ألوذ بك وألتجئ من ذكران الشياطين وإناثهم، وعبّر بلفظة كان للدلالة على الثبوت والدوام، وبلفظ المضارع في يقول استحضارًا لصورة القول، وكان عليه الصلاة والسلام يستعيد إظهارًا للعبودية ويجهر بها للتعليم، وإلا فهو -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- محفوظ من الجنّ والإنس، وقد روى المعمري هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار عن عبد العزيز بن صهيب بإسناد على شرط مسلم بلفظ الأمر قال: "إذا دخلتم الخلاء فقولوا بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث" وفيه زيادة البسملة. قال الحافظ ابن حجر: ولم أرها في غير هذه الرواية انتهى. وظاهر ذلك تأخير التعوّذ عن البسملة. قال في المجموع: وبه صرّح جماعة لأنه ليس للقراءة، وخصّ الخلاء لأن الشياطين تحضر الأخلية لأنه يهجر فيها ذكر الله تعالى.

(تابعه) ولابن عساكر: قال أبو عبد الله أي البخاري تابعه أي تابع آدم بن أبي إياس (ابن عرعرة) محمد في رواية هذا الحديث (عن شعبة) كما رواه المؤلف في الدعوات موصولاً، والحاصل أن محمد بن عرعرة روى هذا الحديث عن شعبة كما رواه آدم عن شعبة، وهذه هي المتابعة التامة ْوفائدتها التقوية. (وقال غندر) بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح المهملة آخره راء لقب محمد بن جعفر البصري (عن شعبة) مما وصله البزار في مسنده (إذا أتى الخلاء، وقال موسى) بن إسماعيل التبوذكي مما وصله البيهقي (عن حماد) ابن سلمة بن دينار الربعي وكان من الأبدال تزوّج سبعين امرأة فلم يولد له

<<  <  ج: ص:  >  >>