للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لبنتين على ظهر بيت لنا. وفي رواية يزيد الآتية على ظهر بيتنا وطريق الجمع أن يقال: إضافة البيت إليه على سبيل المجاز لكونها أخته وحيث أضافه إلى حفصة كان باعتبار أنه البيت الذي أسكنها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه، واستمر في يدها إلى أن ماتت فورثه عنها وحيث أضافه إلى نفسه كان باعتبار ما آل إليه الحال لأنه ورث حفصة دون إخوته لكونها كانت شقيقته ولم تترك من يحجبه عن الاستيعاب.

(فرأيت) أي فأبصرت (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (يقضي حاجته) وحال كونه (مستدبر القبلة مستقبل الشام) لا يقال شرط الحال أن تكون نكرة ومستدبر مضاف لتاليه فيعرف لأن إضافته لفظية وهي لا تفيد التعريف.

١٤٩ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَنَّ عَمَّهُ وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ: لَقَدْ ظَهَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

وبه قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) بن يوسف الدورقي، وفي رواية غير أبوي ذر والوقت والأصيلي باب بالتنوين حدّثنا يعقوب بن إبراهيم (قال: حدّثنا يزيد) أي (ابن هارون) كما عند الأصيلي وأبي الوقت، وتوفي يزيد هذا بواسط سنة ست ومائتين (قال أخبرنا يحيى) بن سعيد الأنصاري المدني الذي روى عنه هذا الحديث مالك كما مرّ (عن محمد بن يحيى بن حبان أن عمه واسع بن حبان) بفتح المهملة فيهما (أخبره أن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (أخبره قال: لقد ظهرت) أي علوت وارتفعت وأكد باللام وقد (ذات يوم) أي يومًا فهو من إضافة المسمى إلى اسمه أي ظهرت في زمان هو مسمى لفظ اليوم وصاحبه (على ظهر بيتنا فرأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاعدًا على لبنتين) يقضي حاجته حال كونه (مستقبل بيت المقدس) ولم يقع في رواية يحيى الأنصاري

هذه مستدبر القبلة كما في رواية عبيد الله لأن ذلك من لازم من استقبل الشام بالمدينة، وإنما ذكرت في رواية عبيد الله للتأكيد والتصريح به. وقال هنا مستقبل بيت القدس، وفي السابقة مستقبل الشام فغاير في اللفظين والمعنى واحد لأنهما في جهة واحدة.

١٥ - باب الاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاء

هذا (باب الاستنجاء بالماء) استفعال أي طلب الإنجاء والهمزة للسلب الإزالة كالاستعتاب لطلب الإعتاب لا العتب والاستنجاء إزالة النجو وهو الأذى الباقي في فم أحد المخرجين بالحجر أو بالماء وأصله الإزالة والذهاب إلى النجو، وهو ما ارتفع من الأرض كانوا يستترون بها إذا قعدوا للتخلي، وقصد المؤلف بهذه الترجمة الرد على من كره الاستنجاء بالماء وعلى من نفى وقوعه من الشارع -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

١٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ -وَاسْمُهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ- قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَجِيءُ أَنَا وَغُلَامٌ مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ. يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِهِ. [الحديث ١٥٠ - أطرافه في: ١٥١، ١٥٢، ٢١٧، ٥٠٠].

وبالسند أول الكتاب إلى المؤلف قال: (حدّثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك) الطيالسي البصري (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي معاذ) بضم الميم وبالذال المعجمة (واسمه عطاء بن أبي ميمونة) البصري التابعي القدري، المتوفى بعد الثلاثين والمائة. وفي رواية الاقتصار على أبي معاذ دون تاليه (قال: سمعت أنس بن مالك) حال كونه (يقول كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا خرج) من بيته أو من بين الناس (لحاجته) أي البول أو الغائط ولفظة كانت تشعر بالتكرار والاستمرار (أجيء أنا وغلام) زاد في الرواية الآتية منا أي من الأنصار كما صرّح به الإسماعيلي في روايته وكلمة إذ ظرف، ويحتمل أن يكون فيها معنى الشرط وهي أجيء، والجملة في محل نصب على أنها خبر كان والعائد محذوف أي أجيئه وأنا ضمير مرفوع أبرزه ليصح عطف غلام على ما قبله لئلا يلزم عطف اسم على فعل. والغلام الذي طرّ شاربه وقيل هو من حين يولد إلى أن يشب وفي أساس البلاغة الغلام هو الصغير إلى حدّ الالتحاء. فإن قيل له بعد الالتحاء غلام فهو مجاز ولم يسم الغلام، وقيل هو ابن مسعود ويكون سماه غلامًا مجازًا وحينئذٍ فقول أنس منا أي من الصحابة أو من خدمه عليه الصلاة والسلام، وأما رواية الإسماعيلي التي فيها من الأنصار فلعلها من تصرف الراوي حيث رأى في الرواية منا فحملها على القبيلة فرواها بالعنى، وقال من الأنصار أو من إطلاق الأنصار على جميع

الصحابة رضي الله عنهم وإن كان العرف خصّه بالأوس والخزرج، وقيل أبو هريرة وقد وجد لذلك شاهد وسماه أنصاريًّا مجازًا، لكن يبعده أن إسلام أبي هريرة بعد بلوغ أنس وأبو هريرة كبير، فكيف يقول أنس كما في مسلم وغلام نحوي أي

<<  <  ج: ص:  >  >>