للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عتيقًا لأنه ليس في نسبه ما يعاب به أو لقدمه في الخير أو لسبقه إلى الإسلام أو لحسنه أو لأن أمه استقبلت به البيت وقالت: اللهم هذا عتيقك من الموت قالته لأنه كان لا يعيش لها ولد أو لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشّره بأن الله أعتقه من النار كما في حديث عائشة عند الترمذي وصححه ابن حبان، ولقّب بالصدّيق لتصديقه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وعند الطبراني بإسناد رجاله ثقات من حديث علي أنه كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق واسم أمه سلمى وتكنى أم الخير بنت صخر بن مالك بن عامر بن عمرو المذكور أسلمت وهاجرت (-رضي الله عنه-) وعن والديه وأولاده، ولأبي ذر: رضوان الله عليه.

(وقول الله تعالى) جر عطفًا على سابقه أو رفع، ولأبي ذر: عز وجل: ({للفقراء المهاجرين} [الحشر: ٨]) قال في الأنوار: بدل من لذي القربى وما عطف عليه لأن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يسمى فقيرًا انتهى. وذلك لأن الله تعالى رفع منزلته عن أن يسميه فقيرًا وقوله: {الشيطان يعدكم الفقر} [البقرة: ٢٦٨] دليل على أن الفقر مذموم والفقر أربعة أشياء فقر الحسنات في الآخرة وفقر القناعة في الدنيا، وفقر المقتنى وفقرهما والغنى بحسبه، فمن فقد القناعة والمقتنى فهو الفقير المطلق على سبيل الذم ومن فقد القناعة دون القنية فهو الغني بالمجاز الفقير بالحقيقة، ومن فقد القنية دون القناعة فإنه يقال له فقير وغني ({الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم} [الحشر: ٨]) فإن كفار مكة أخرجوهم وأخذوا أموالهم ({يبتغون} [الحشر: ٨]) يطلبون بهجرتهم ({فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله} [الحشر: ٨]) دين الله وشرع رسوله بأنفسهم وأموالهم ({أولئك هم الصادقون}) [الحشر: ٨]. الذين ظهر صدقهم في إيمانهم، وسقط قوله: {الذين أخرجوا} إلى آخره لأبي ذر وقال بعد قوله: {المهاجرين} الآية.

(وقال: {إلَاّ}) ولأبي ذر: وقال الله إلا ({تنصروه فقد نصره الله}) [التوبة: ٤٠] أي وإن لم تنصروه فسينصره الله إذ أخرجه من الغار (إلى قوله: {إن الله معنا}) [التوبة: ٤٠]. أي بالعصمة والمعونة وسقط قوله إلى قوله: {إن الله معنا} لأبي ذر وقال بعد قوله نصره الله الآية.

(قالت عائشة): مما ذكره في باب الهجرة إلى المدينة الآتي إن شاء الله تعالى (وأبو سعيد) الخدري مما وصله ابن حبان في صحيحه (وابن عباس) مما أخرجه أحمد والحاكم (-رضي الله عنهم-: وكان أبو بكر مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الغار) لما خرجا من مكة إلى المدينة.

٣٦٥٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَىَّ رَحْلِي، فَقَالَ عَازِبٌ: لَا، حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ. قَالَ: ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحْيَيْنَا -أَوْ سَرَيْنَا- لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِيَ إِلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ أَتَيْتُهَا، فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: اضْطَجِعْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِي: هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ، لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَبَنًا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ فَقَالَ هَكَذَا، ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: بَلَى. فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» {تُرِيحُونَ} [النحل: ٦] بالعشيّ، {تَسْرَحُون} [النحل: ٦] بالغداة.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن رجاء) الغداني بضم الغين المعجمة وتخفيف الدال المهملة وبعد الألف نون مخففة البصري قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس (عن) جدّه (أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن البراء) بن عازب الأنصاري -رضي الله عنه- أنه (قال: اشترى أبو بكر) الصديق (-رضي الله عنه- من) أبيه (عازب رحلاً) بفتح الراء وسكون الحاء المهملة للناقة (بثلاثة عشر درهمًا فقال أبو بكر لعازب: مُر البراء) ابنك (فليحمل إليّ) بتشديد الياء التحتية (رحلي، فقال) له (عازب: لا حتى تحدّثنا كيف صنعت أنت ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين خرجتما من مكة) في الهجرة إلى المدينة (والمشركون) من أهل مكة (يطلبونكم) أي هما ومن معهما (قال): أبو بكر (ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا) بفتح السين (ليلتنا ويومنا) والشك من الراوي (حتى أظهرنا) ولأبي ذر عن الكشميهني ظهرنا بغير ألف والأول هو الصواب أي صرنا في وقت الظهيرة (وقام قائم الظهيرة) شدّة حرها عند الزوال (فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه) بمد الهمزة وفتح التحتية في اليونينية وفرعها مصححًا عليه (فإذا صخرة) فلما رأيتها (أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته) أي موضعًا. وفي علامات النبوة: فنزلنا عنده أي عند الظل وسوّيت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكانًا بيدي ينام عليه (ثم فرشت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه) في الظل (ثم قلت له: اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم

انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدًا فإذا أنا براعي غنم) لم يسم الراعي ولا مالك الغنم (يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا) من

<<  <  ج: ص:  >  >>