للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ليس بيني وبينه خلة ولكن أخوّة في الإسلام فنفى الخلة المنبئة عن الحاجة وأثبت الإخاء المقتضي للمساواة قاله البيضاوي.

٣٦٥٧ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أسدٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبوذكيُّ قَالَا حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُهُ خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ».

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ ... مِثْلَهُ.

وبه قال: (حدّثنا معلى بن أسد) العمي البصري وسقط ابن أسد لغير أبي ذر (وموسى) من غير نسبة ولأبي ذر موسى بن إسماعيل التنوخي كذا في الفرع وأصله عن أبي ذر التنوخي بالخاء المعجمة. قال الحافظ ابن حجر: وهو تصحيف والصواب التبوذكي (قالا: حدّثنا وهيب) هو ابن خالد (عن أيوب) هو السختياني أي عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وقال):

(لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذته) يعني أبا بكر (خليلاً ولكن أخوّة الإسلام أفضل) فزاد لفظ أفضل، وكذا عند الطبراني من طريق عبد الله بن تمام عن خالد الحذاء ولفظه: "ولكن أخوة الإيمان والإسلام أفضل" قاله في الفتح.

واستشكل بأن الخلة أفضل من أخوّة الإسلام فإنها تستلزم ذلك وزيادة. وأجيب: بأن المراد أن مودة الإسلام مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل من مودته مع غيره. قال: ولا يعكر على هذا اشتراك جميع الصحابة في هذه الفضيلة فإن رجحان أبي بكر عرف من غير ذلك وأخوّة الإسلام ومودته متفاوتة بين المسلمين في نصر الدين وإعلاء كلمة الحق وتحصيل كثرة الثواب، ولأبي بكر من ذلك أكثره وأعظمه.

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا عبد الوهاب) الثقفي (عن أيوب) السختياني (مئله) أي مثل الحديث السابق.

٣٦٥٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُهُ، أَنْزَلَهُ أَبًا، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ».

وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (حماد بن زيد) بن درهم الجهضمي (عن أيوب) السختياني (عن عبد الله بن أبي مليكة) بضم الميم مصغرًا أنه (قال: كتب أهل الكوفة) أي بعضهم وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير

جعله على قضاء الكوفة كما أخرجه أحمد (إلى ابن الزبير) عبد الله (في) مسألة (الجد) وميراثه (فقال): ابن الزبير مجيبًا لابن عتبة (أما الذي قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيه.

(لو كنت متخذًا من هذه الأمة خليلاً لاتخذته) فإنه (أنزله أبًا) أي أنزل الجد منزلة الأب في استحقاقه الميراث، وفيه أنه أفتاهم بمثل قول أبي بكر. وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد لذلك في باب ميراث الجد مع الأخوة من كتاب الفرائض (يعني) ابن الزبير بالذي أنزل الجد أبًا (أبا بكر) الصديق، والغرض منه هنا قوله: لو كنت متخذًا خليلاً، وقد أشعر هذا بأن درجة الخلة أرفع من درجة المحبة، وقد ثبتت محبته لجماعة من أصحابه كأبي بكر وفاطمة، ولا يعكر عليه اتصاف إبراهيم بالخلة ومحمد بالمحبة فتكون المحبة أرفع من رتبة الخلة إذ محمد عليه الصلاة والسلام قد ثبتت له الخلة أيضًا كما في حديث ابن مسعود عند مسلم: وقد اتخذ الله صاحبكم خليلاً.

وأما ما ذكره القاضي عياض في الشفاء من الاستدلال لتفضيل مقام المحبة على الخلة بأن الخليل قال: لا تخزين والحبيب قيل له: يوم لا يخزي الله النبي إلى غير ذلك مما ذكره ففيه نظر، لأن مقتضى الفرق بين الشيئين أن يكونا في حدّ ذاتهما يعني باعتبار مدلول خليل وحبيب فما ذكره يقتضي تفضيل ذات محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذات إبراهيم عليه الصلاة والسلام من غير نظر إلى ما جعله علة معنوية في ذلك من وصف المحبة والخلة، فالحق أن الخلة أعلى وأكمل وأفضل من المحبة، ثمّ إن قوله عليه الصلاة والسلام: "لو كنت متخذًا خليلاً غير ربي" يشعر بأنه لم يكن له خليل من بني آدم.

وأما ما أخرجه أبو الحسن الحرب في فوائده من حديث أبيّ بن كعب قال: إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس دخلت عليه وهو يقول: "إنه لم يكن نبي إلاّ وقد اتخذ من أمته خليلاً وإن خليلي أبو بكر فإن الله عز وجل اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً". فهو معارض بحديث جندب عند مسلم أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول قبل موته بخمس: "إني أبرأ إلى الله عز وجل أن يكون لي منكم خليل". والذي في الصحيح لا يقاومه غيره، وعلى تقدير ثبوت حديث أبيّ -رضي الله عنه- فيمكن الجمع بينهما بأنه إنما برئ من ذلك تواضعًا لربه وإعظامًا

<<  <  ج: ص:  >  >>