للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرفوع نائب عن الفاعل.

قال ابن الأثير: السفرة طعام يتخذه المسافر وأكثر ما يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إلى الجلد وسمي به كما سميت المزادة راوية وغير ذلك من الأسماء المنقولة. قال ابن بطال وكانت هذه السفرة لقريش (فأبى) زيد بن عمرو بن نفيل (أن يأكل منها. ثم قال زيد) مخاطبًا للذين قدموا السفرة (إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم) جمع نصب بالمهملة وضمتين وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام (ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه).

واستشكل بأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان أولى بذلك من زيد. وأجيب: بأنه ليس في الحديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكل منها، وعلى تقدير كونه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكل منها فزيد إنما فعل ذلك برأي رآه لا بشرع بلغه، وإنما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم، وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه، وتحريم ما لم يذكر اسم الله عليه وإنما نزل في الإسلام، والأصح أن الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا حرمة قاله السهيلي.

وقول ابن بطال: وكانت السفرة لقريش فقدموها للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأبى أن يأكل منها فقدمها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لزيد بن عمرو فأبى أن يأكل منها تعقبه في الفتح فقال: هو محتمل لكن لا أدري من أين له هذا الجزم بذلك فإني لم أقف عليه في رواية أحد.

وقال الخطابي: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يأكل مما يذبحون للأصنام ويأكل مما عدا ذلك وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه، وإنما فعل ذلك زيد برأي رآه لا بشرع بلغه قاله السهيلي. واستضعف بأن الظاهر أنه كان فى شرع إبراهيم عليه الصلاة والسلام تحريم ما ذبح لغير الله لأنه كان عدو الأصنام.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الصيد.

(وأن) بفتح الهمزة ولأبي ذر فإن (زيد بن عمرو) المذكور (كان يعيب) بفتح أوله (على ٌقريش ذبائحهم) التي يذبحونها لغير الله (ويقول) لهم: (الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء الماء) لتشربه (وأنبت لها من الأرض) الكلأ لتأكله (ثم تذبحونها على غير اسم الله إنكارًا لذلك) الفعل (وإعظامًا له) ونصب إنكارًا على التعليل وإعظامًا عطف عليه. وقوله: وأن زيدًا موصول بالإسناد المذكور.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الذبائح والنسائي في المناقب.

٣٨٢٧ - قَالَ مُوسَى: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَاّ تُحُدِّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ

دِينِهِمْ فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ فَأَخْبِرْنِي. فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ. قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَاّ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ؛ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَاّ اللَّهَ. فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ. قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَاّ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَاّ اللَّهَ. فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ".

(قال موسى) بن عقبة بالإسناد المذكور (حدّثني) بالإفراد (سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب (ولا أعلمه إلا تحدث) بضم الفوقية والحاء وكسر الدال المهملة مبنيًّا للمفعول ويجوز الفتح فيهما مبنيًّا للفاعل وفي نسخة ألا يحدث بضم التحتية وفتح الحاء والدال وضم المثلثة (به عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج) من مكة (إلى الشام يسأل عن الدين) أي دين التوحيد (ويتبعه) بسكون الفوقية في الفرع وأصله وعليها علامة أبي ذر، وفي الفتح ويتبعه بتشديدها من الاتباع، وللكشميهني ويبتغيه بتحتية وفوقية مفتوحتين بينهما موحدة ساكنة وغين معجمة بعدها تحتية ساكنة أي يطلبه (فلقي عالمًا من اليهود) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: لم أقف على اسمه (فسأله عن دينهم فقال) له: (إني لعلى) لعل واسمها وخبرها قوله: (أن أدين دينكم فأخبرني) عن شأن دينكم (فقال) له اليهودي: (لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله) أي من عذابه (قال زيد: ما أفر) بالفاء (إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئًا أبدًا وأنا أستطيعه) أي والحال أن لي قدرة على عدم حمل ذلك، وفي اليونينية وأنى أستطيعه بتشديد النون مفتوحة استفهامية (فهل تدلني على غيره) من الأديان (قال) له: (ما أعلمه إلا أن يكون) دينًا (حنيفًا. قال زيد: وما) الدين (الحنيف؟ قال): اليهودي هو (دين إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًّا ولا يعبد إلا الله) وحده لا شريك له (فخرج زيد فلقي عالمًا من النصارى) لم يقف الحافظ ابن حجر على اسمه أيضًا (فذكر مثله) أي مثل ما ذكر لعالم اليهود (فقال) له: (لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله)

<<  <  ج: ص:  >  >>