للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يديه) بالتثنية، وفي رواية الأربعة على يده بالإفراد على إرادة الجنس (فغسل مرتين) وفي رواية الأربعة فغسل يديه مرتين كذا في رواية مالك وعند غيره من الحفاظ ثلاثًا فهي مقدمة على رواية الحافظ الواحد لا يقال أنهما واقعتان لاتحاد مخرجهما، والأصل عدم التعدد، لأن في رواية مسلم من طريق حبّان بن واسع عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- توضأ وفيه وغسل يده اليمنى ثلاثًا ثم الأخرى ثلاثًا، فيحمل على أنه وضوء آخر لكون مخرج الحديثين غير متحد، (ثم مضمض واستنثر ثلاثًا) أي بثلاث غرفات كما في رواية وهيب، وللكشميهني واستنشق ثلاثًا. والرواية الأولى تستلزم الثانية من غير عكس قاله ابن حجر، وعورض بأن ابن الأعرابي وابن قتيبة جعلاهما واحدًا وقد مرّ في المضمضة والاستنشاق. (ثم غسل وجهه ثلاثًا ثم غسل يديه مرتين مرتين) بالتكرار (إلى) أي مع (المرفقين) بالتثنية مع فتح الميم وكسر الفاء، وفي رواية الأصيلي بكسر الميم وفتح الفاء، وفي رواية المستملي والحموي إلى الرفق بالإفراد على إرادة الجنس وهو مفصل الذراع والعضد وسمي به لأنه يرتفق به في الاتكاء ويدخل في غسل اليدين خلافًا لزفر لأن إلى في قوله تعالى: {إلى المرفقين} بمعنى مع كالحديث كقوله تعالى: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: ٥٢] أو متعلقة بمحذوف تقديره مضافة إلى المرافق. قال البيضاوي: ولو كان كذلك لم يبق معنى للتحديد ولا لذكره مزيد فائدة لأن مطلق اليد يشتمل عليها. وقيل: (إلى) تفيد الغاية مطلقًا وأما بدخولها في الحكم أو خروجها منه فلا دلالة لها عليه وإنما يعلم من خارج، ولم يكن في الآية وكأن الأيدي متناولة لها فحكم بدخولها احتياطًا. وقيل: (إلى) من حيث أنها تفيد الغاية تقتضي خروجها وإلا لم تكن غاية كقوله: {فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ} وقوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] لكن لما لم تتميز الغاية هاهنا من ذي الغاية وجب دخولها احتياطًا اهـ.

ووقف زفر مع المتيقن. وقال إسحاق بن راهويه: يحتمل أن تكون بمعنى الغاية وبمعنى مع فبينت السُنّة أنها بمعنى مع. وقال الإمام الشافعي في الأُم: لا أعلم مخالفًا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء، قال ابن حجر: فعلى هذا فزفر محجوج بالإجماع.

(ثم مسح رأسه) زاد ابن الطباع في روايته كله كما في حديثه الروي عند ابن خزيمة في صحيحه (بيديه) بالتثنية (فأقبل بهما وأدبر) بهما ولمسلم مسح رأسه كله وما أقبل وما أدبر وصدغيه (بدأ بمقدم رأسه) بفتح الدال المشددة من بمقدم بأن وضع يديه عليه وألصق مسبحته بالأخرى وإبهاميه على صدغيه (حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردّهما إلى المكان الذي بدأ منه) ليستوعب جهتي الشعر بالمسح، وعلى هذا يختص ذلك بمن له شعر ينقلب وإلاّ فلا حاجة إلى الرد، فلو ردّ لم يحسب ثانية لأن الماء صار مستعملاً. وهذا التعليل يقتضي أنه لو ردّ ماء المرة الثانية حسب ثالثة بناء على الأصح من أن المستعمل في النفل طهور إلا أن يقال السنّة كون كل مرة بماء جديد، والجملة من قوله بدأ عطف بيان لقوله فأقبل بهما وأدبر، ومن ثم لم تدخل الواو على قوله بدأ، والظاهر أنه ليس مدرجًا من كلام مالك بل هو من الحديث، ولا يقال هو بيان للمسح الواجب كما قال به مالك وابن علية وأحمد في رواية وأصحاب مالك غير أشهب فبيانه واجب لأنه يلزم منه وجوب الرد إلى المكان الذي بدأ منه، ولا قائل بوجوبه. ويلزم أن يكون تثليث الغسل وتثنيته واجبين لأنهما بيان أيضًا، فالحديث ورد في الكمال ولا نزاع فيه بدليل أن الإقبال والإدبار لم يذكرا في غير هذا الحديث، وقد وقع في رواية خالد بن عبد الله الآتية قريبًا في باب من تمضمض واستنشق من غرفة واحدة ومسح برأسه ما أقبل وما أدبر كآية المائدة بالباء، واختلف فيها فقيل: زائدة للتعدية وتمسك به من أوجب الاستيعاب، وقيل للتبعيض. وعورض بأن بعض أهل العربية أنكر كونها للتبعيض. قال ابن برهان: من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء عن أهل اللغة بما لا يعرفونه. وأجيب: بأن ابن هشام نقل التبعيض عن الأصمعي والفارسي والقتيبي وابن مالك والكوفيين وجعلوا منه {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] انتهى.

وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>