للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألفًا وهوازن وثقيف أربعة آلاف، وقد روى يونس بن بكير في زيادات المغازي عن الربيع بن أنس قال: قال رجل يوم حنين: لن نغلب اليوم من قلّة فشق ذلك على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكانت الهزيمة. قال في فتوح الغيب: وهذا مثل قوله تعالى: {لم يخرّوا عليها صمًّا وعميانًا} [الفرقان: ٧٣]. قوله: لم يخروا ليس نفيًا للخرور وإنما هو إثبات له ونفي للصمم والعمى، كذلك لن نغلب ليس نفيًا للمغلوبية، وإنما هو إثبات لها ونفي للقلة يعني متى غلبنا كان سببه عن القلة. هذا من حيث الظاهر ليس كلمة إعجاب لكنها كناية عنها فكأنه قال: ما أكثر عددنا فذلك قوله تعالى: ({إذ}) بدل من يوم ({أعجبتكم كثرتكم}) حصل لهم الإعجاب بالكثرة وزال عنهم أن الله هو الناصر

لا كثرة العدد والعُدد ({فلم تغن عنكم شيئًا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت}) ما مصدرية والباء بمعنى مع أي مع رحبها أي لم تجدوا موضعًا لفراركم من أعدائكم فكأنها ضاقت عليكم ({ثم وليتم مدبرين}) ثم انهزمتم ({ثم أنزل الله سكينته}) رحمته التي سكنوا بها وأمنوا (إلى قوله: {غفور رحيم}) [التوبة: ٢٥]. يستر كفر العدوّ بالإسلام وينصر المولى بعد الانهزام، فالكلام وارد مورد الامتنان على الصحابة بنصرته إياهم في المواطن الكثيرة، وكانت النصرة في هذا اليوم المخصوص أجلّ امتنانًا لما شوهد منهم ما ينافي النصرة من الإعجاب بالكثرة، ولولا فضل الله وكرامته لرسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وللمؤمنين لتمت الدبرة عليهم والنصر للأعداء. ألا ترى كيف أقيم المظهر مقام المضمر في قوله تعالى: {ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين} [التوبة: ٢٥] ليؤذن بأن وصف الرسالة والإيمان أهل للانتصار بعد الفرار والعفو عن الاغترار، وحذف في رواية أبي ذر قوله: {فلم تغن} الخ. وقال: إلى {غفور رحيم}.

٤٣١٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً قَالَ: ضُرِبْتُهَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ، قُلْتُ: شَهِدْتَ حُنَيْنًا؟ قَالَ: قَبْلَ ذَلِكَ.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير) أبو عبد الرحمن الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا يزيد بن هارون) الواسطي قال: (أخبرنا إسماعيل) بن أبي خالد (قال: رأيت بيد ابن أبي أوفى) بفتح الهمزة والفاء عبد الله الأسلمي (ضربة) وعند الإسماعيلي ضربة على ساعده وزاد أحمد فقلت: ما هذه؟ (قال: ضربتها) بضم الضاد مبنيًا للمفعول (مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حنين) قال إسماعيل (قلت) له (شهدت حنينًا؟ قال: قبل ذلك) من المشاهد وأول مشاهده الحديبية.

٤٣١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ الْقَوْمِ فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ. وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ يَقُولُ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) أبو عبد الله العبدي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (سفيان) الثوري (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي أنه (قال: سمعت البراء) بن عازب (وجاءه رجل) قال ابن حجر: لم أقف على اسمه (فقال) له (يا أبا عمارة) بضم العين وتخفيف الميم كنية البراء (أتوليت) أي انهزمت (يوم حنين)؟ والهمزة للاستفهام (فقال): ولأبي ذر قال (أما أنا فأشهد على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لم يول) لم ينهزم (ولكن عجل) بكسر الجيم مخففًا (سرعان القوم) بفتح السين المهملة والراء وقد تسكن أوائلهم الذين يسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة (فرشقتهم)

بالشين المعجمة والقاف أي رمتهم (هوازن) القبيلة المعروفة وكانوا رماة وإن المسلمون قد حملوا على العدوّ فانكشفوا فأقبل المسلمون على الغنائم فاستقبلهم هوازن ما يكاد يسقط لهم سهم فرشقوهم رشقًا ما يكاد يخطؤون (وأبو سفيان بن الحارث) بن عبد المطلب ابن عم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (آخذ برأس بغلته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (البيضاء) التي أهداها له فروة بن نفاثة على الصحيح حال كونه (يقول):

(أنا النبي لا كذب) فلا أنهرم لأن الله قد وعدني بالنصر (أنا ابن عبد المطلب) فيه دليل جواز قول الإنسان في الحرب أنا فلان وأنا ابن فلان أو مثل ذلك.

وهذا الحديث قد سبق في باب بغلة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البيضاء من الجهاد.

٤٣١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قِيلَ لِلْبَرَاءِ وَأَنَا أَسْمَعُ أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَا؛ كَانُوا رُمَاةً فَقَالَ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: (حدثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) السبيعي أنه قال: (قيل للبراء) بن عازب -رضي الله عنه- (وأنا أسمع أوليتم مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حنين)؟ بصيغة الجمع في أوليتم الشاملة لكلهم (فقال): البراء

<<  <  ج: ص:  >  >>