للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من كان حيًّا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس".

(فأمره) أي أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبد الله بن حذافة (أن يدفعه) أي الكتاب (إلى عظيم البحرين) المنذر بن ساوى نائب كسرى على البحرين، فتوجه عبد الله بن حذافة إليه فأعطاه إياه (فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه) بنفسه أو قرأه غيره عليه (مزّقه) بالزاي والقاف أي قطّعه.

قال ابن شهاب الزهري: (فحسبت أن المسيب) سعيدًا (قال): بالسند السابق (فدعا عليهم) على كسرى وجنوده، ولأبي ذر عن المستملي فدعا عليه أي على كسرى (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يمزقوا

كل ممزق) بفتح الزاي فيهما أي يتفرقوا ويتقطعوا فاستجاب الله عز وجل دعاءه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فسلّط الله تعالى على كسرى ابنه شيرويه فمزق بطنه فقتله ولم يقم لهم بعد ذلك أمر نافذ، وأدبر عنهم الإقبال حتى انقرضوا بالكلية في خلافة عمر -رضي الله عنه-.

وهذا الحديث سبق في كتاب العلم في باب ما يذكر في المناولة.

٤٤٢٥ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». [الحديث ٤٤٢٥ - أطرافه في: ٧٠٩٩].

وبه قال: (حدّثنا عثمان بن الهيثم) بالمثلثة المؤذن البصري قال: (حدّثنا عوف) بفتح العين المهملة بعدها واو ساكنة ففاء الأعرابي (عن الحسن) البصري (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث أنه (قال: لقد نفعني الله) عز وجل (بكلمة سمعتها من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيام الجمل) أي نفعني الله أيام وقعة الجمل بكلمة سمعتها فأيام متعلق بنفعني لا بسمعتها لأنه سمعها قبل ذلك ففيه تقديم وتأخير (بعدما كدت أن ألحق) ولأبي ذر: كدت ألحق (بأصحاب) وقعة (الجمل) عائشة -رضي الله عنها- ومن معها (فأقاتل معهم) وكان سببها أن عثمان -رضي الله عنه- لما قتل وبويع عليّ بالخلافة خرج طلحة والزبير إلى مكة فوجدا عائشة وكانت قد حجت فأجمع رأيهم على التوجه إلى البصرة يستنفرون الناس للطلب بدم عثمان، فبلغ عليًّا فخرج إليهم فكانت الوقعة ونسبت إلى الجمل التي كانت عائشة قد ركبته وهي في هودجها تدعو الناس إلى الإصلاح.

(قال) أبو بكرة مفسرًا لقوله: نفعني الله بكلمة (لما بلغ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن أهل فارس قد ملكوا) بتشديد اللام (عليهم بنت كسرى) بوران بضم الموحدة بنت شيرويه بن كسرى إبرويز، وذلك أن شيرويه لما قتل أباه كان أبوه علم أن ابنه عمل على قتله احتال على قتل ابنه بعد موته، فعمل في بعض خزائنه المختصة به حُقًّا مسمومًا كتب عليه حُق الجماع من تناول منه كذا جامع كذا فقرأه شيرويه فتناول منه فكان فيه هلاكه فلم يعش بعد أبيه سوى ستة أشهر، فلما مات لم يخلف أخًا لأنه كان قتل إخوته حرصًا على الملك ولم يخلف ذكرًا وكرهوا إخراج الملك عن ذلك البيت فملكوا أخته.

(قال) عليه الصلاة والسلام (لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة) ومذهب الجمهور أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء، وأجازه الطبري في رواية عن مالك وعن أبي حنيفة تلي الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء، والغرض من ذكر هذا الحديث هنا بيان أن كسرى لما مزّق كتابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودعا عليه سقط الله عليه ابنه فمزقه وقتله ثم قتل إخوته حتى أفضى الأمر بهم إلى تأمير المرأة فجرّ ذلك إلى ذهاب ملكهم ومزقوا واستجاب الله دعاءه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

٤٤٢٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الْغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: مَعَ الصِّبْيَانِ.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: سمعت الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن السائب بن يزيد) ولأبي ذر: سمع الزهري يقول: سمعت السائب بن يزيد -رضي الله عنه- (يقول: أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى) بفتح القاف المشددة (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وثنية الوداع بفتح الواو: هي ما ارتفع من الأرض أو هي الطريق في الجبل، وسميت بذلك لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودّعه بها بعض المقيمين بالمدينة في بعض أسفاره، وقيل لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيّع إليها بعض سراياه فودّعه عندها، وقيل لأن المسافر من المدينة كان يشيع إليها ويودّع عندها قديمًا وما قيل من أنهم كانوا يشيعون الحاج ويودّعونهم عندها، ردّه الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>