للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترك الوضوء مما مسّت النار، ولكن ضعف الجوابين في المجموع بأن الحمل على الوضوء الشرعي مقدم على اللغوي كما هو معروف في محله وترك الوضوء مما مسّت النار عامّ، وخبر الوضوء من لحم الإبل خاص والخاص مقدم على العام سواء وقع قبله أو بعده، لكن حكى البيهقي عن عثمان الدارمي أنه قال: لما اختلفت أحاديث الباب ولم يتبين الراجح منها نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم أجمعين بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرجحنا به أحد الجانبين، وارتضى الأستاذ النووي هذا في شرح المهذب وعبارته: وأقرب ما يستروح إليه قول الخلفاء الراشدين وجماهير الصحابة رضي الله عنهم وما دل

عليه الخبران هو القول القديم وهو وإن كان شاذًّا في المذهب فهو قوي في الدليل، وقد اختاره جماعة من محققي أصحابنا المحدثين وأنا ممّن اعتقد رجحانه اهـ.

وقد فرّق الإمام أحمد بين لحم الجزور وغيره. وهذا الحديث من الخماسيات، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الأطعمة ومسلم وأبو داود في الطهارة.

٢٠٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَى السِّكِّينَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. [الحديث ٢٠٨ - أطرافه في: ٦٧٥، ٢٩٢٣، ٥٤٠٨، ٥٤٢٢، ٥٤٦٢].

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (يحيى بن بكير) المصري نسبة إلى جدّه لشهرته به وأبوه عبد الله (قال: حدّثنا الليث) بن سعد المصري (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي المصري (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: أخبرني) بالتوحيد (جعفر بن عمرو بن أمية) بفتح العين (أنّ أباه) عمرًا (أخبره):

أن (أنه رأى رسول الله) وفي رواية أبوي ذر والوقت النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحتز) بالحاء المهملة وبالزاي المشددة أي يقطع (من كتف شاة) بفتح الكاف وكسر التاء وبكسر الكاف وسكون التاء زاد المؤلف في الأطعمة من طريق معمر عن الزهري يأكل منها (فدعي) بضم الدال (إلى الصلاة) وفي حديث النسائي عن أُم سلمة رضي الله عنها أن الذي دعاه إلى الصلاة بلال رضي الله عنه (فألقى) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (السكين) زاد في الأطعمة عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري فألقاها والسكين (فصلى) ولابن عساكر وصلى (ولم يتوضأ) زاد البيهقي من طريق عبد الكريم بن الهيثم عن أبي اليمان في آخر الحديث. قال الزهري: فذهبت تلك أي القصة في الناس، ثم أخبر رجال من أصحابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونساء من أزواجه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "توضؤوا مما مسّت النار" قال: فكان الزهري يرى أن الأمر بالوضوء مما مسّت النار ناسخ لأحاديث الإباحة لأن الإباحة سابقة، واعترض عليه بحديث جابر السابق قريبًا قال: كان آخر الأمرين من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترك الوضوء مما مسّت النار، لكن قال أبو داود وغيره: أن المراد بالأمر هنا الشأن والقصة لا ما قابل النهي، وأن هذا اللفظ مختصر من حديث جابر المشهور في قصة المرأة التي صنعت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شاة فأكل منها ثم توضأ وصلى الظهر ثم أكل منها وصلى العصر ولم يتوضأ، فيحتمل أن تكون هذه القصة وقعت قبل الأمر بالوضوء مما مسّت النار، وأن وضوءه لصلاة الظهر كان عن حدث لا بسبب الأكل من الشاة. قال الأستاذ النووي: كان الخلاف فيه معروفًا بين الصحابة والتابعين، ثم استقر الإجماع على أنه لا وضوء مما مسّت النار إلا ما ذكر من لحم الإبل قاله في الفتح. وقال المهلب: كانوا في الجاهلية قد ألِفوا قلة التنظيف فأمروا بالوضوء مما مسّت النار، فلما تقررت النظافة في الإسلام وشاعت نسخ الوضوء تيسيرًا على المسلمين، واستنبط

من هذا الحديث جواز قطع اللحم بالسكين، ورواته الستة ثلاثة مصريون وثلاثة مدنيون وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وليس لعمرو بن أميّة رواية في هذا الكتاب إلا هذا، والحديث السابق في المسح، وأخرج المؤلف الحديث أيضًا في الصلاة والجهاد والأطعمة والنسائي في الوليمة وابن ماجة في الطهارة.

٥١ - باب مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

(باب من مضمض من السويق) بعد أكله (ولم يتوضأ).

٢٠٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ خَيْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ

-وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ- فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَاّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. [الحديث ٢٠٩ - أطرافه في: ٢١٥، ٢٩٨١، ٤١٧٥، ٤١٩٥، ٥٣٨٤، ٥٣٩٠، ٥٤٥٤، ٥٤٥٥].

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن بشير بن يسار) بضم الموحدة وفتح المعجمة في السابق وبفتح المثناة التحتية والسين المهملة في اللاحق (مولى بني

<<  <  ج: ص:  >  >>