للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فقال) أي الأشعث: (اليوم عاشوراء) وعند مسلم من رواية عبد الرحمن بن يزيد فقال أي ابن مسعود يا أبا محمد وهي كنية الأشعث ادن إلى الغداء قال أوليس اليوم يوم عاشوراء (فقال) أي ابن مسعود: (كان يصام) يعني عاشوراء (قبل أن ينزل) بضم أوّله وفتح ثالثه لأبي ذر ولغيره بفتح ثم كسر (رمضان فلما نزل رمضان ترك) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول أي ترك صومه (فادن) بهمزة الوصل أي فاقرب (فكل).

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصوم.

٤٥٠٤ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ الْفَرِيضَةَ وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ.

وبه قال: (حدّثنا) وفي الفرع كأصله حدّثني بالإفراد (محمد بن المثنى) العنزي الزمن البصري قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: (حدّثنا هشام) هو ابن عروة (قال: أخبرني) بالإفراد (أبي) عروة بن الزبير (عن عائشة رضي الله تعالى عنها) أنها (قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصومه) زاد في كتاب الصوم في رواية أبوي الوقت وذر وابن عساكر في الجاهلية (فلما قدم المدينة صامه) على عادته (وأمر) الناس (بصيامه، فلما نزل رمضان كان رمضان الفريضة وترك عاشوراء فكان من شاء صامه ومن شاء لم يصمه).

واستدل بهذا على أن صيام عاشوراء كان فريضة قبل نزول رمضان ثم نسخ، لكن في

حديث معاوية السابق في الصيام سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه" وهو دليل مشهور ومذهب الشافعية والحنابلة أنه لم يكن فرضًا قط ولا نسخ برمضان وبقية مبحث ذلك سبقت في الصوم.

٢٥ - باب قَوْلِهِ: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وَقَالَ عَطَاءٌ: يُفْطِرُ مِنَ الْمَرَضِ كُلِّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ. قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يُطِيقُونَهُ وَهْوَ أَكْثَرُ

(باب قوله) عز وجل وسقط ذلك لغير أبي ذر ({أيامًا معدودات}) أي مؤقتات بعدد معلوم ونصب أيامًا بعامل مقدر أي صوموا أيامًا، وهذا النصب إما على الظرفية أو المفعول به اتساعًا وقيل نصب بكتب إما على الظرف أو المفعول به، وردّه أبو حيان فقال: أما النصب على الظرفية فإنه محل للفعل والكتابة ليست واقعة في الأيام لكن متعلقها هو الواقع في الأيام وأما على المفعول اتساعًا فإن ذلك مبني على كونه ظرفًا لكتب وتقدم أنه خطأ ومعدودات صفة والمراد به رمضان أو ما وجب صومه قبل وجوبه ونسخ به وهو عاشوراء كما مر ({فمن كان منكم مريضًا}) مرضًا يضره الصوم ويشق عليه معه ({أو على سفر}) في موضع نصب عطفًا على خبر كان وأو للتنويع ({فعدّة}) أي فعليه صوم عدّة أيام المرض أو السفر ({من أيام أخر}) إن أفطر فحذف الشرط والمضاف والمضاف إليه للعلم به ({وعلى الذين يطيقونه}) إن أفطروا ({فدية طعام مسكين}) نصف صاع من بر أو صاع من غيره ثم نسخ ذلك ({فمن تطوّع خيرًا}) فزاد في الفدية ({فهو}) أي فالتطوّع ({خير له}) وله في محل رفع صفة لخير فيتعلق بمحذوف أي خير كائن له ({وأن تصوموا}) أيها المطيقون وأن مصدرية أي صومكم وهو مرفوع بالابتداء خبره ({خير لكم}) من الفدية وتطوّع الخير ({وإن كنتم تعلمون}) (البقرة: ١٨٤] شرط حذف جوابه تقديره اخترتموه أو معناه إن كنتم من أهل العلم أو التدبر علمتم أن الصوم خير لكم.

(وقال عطاء): هو ابن أبي رباح فيما وصله عبد الرزاق (يفطر من المرض كله كما قال الله تعالى) والذي عليه الجمهور أنه يباح الفطر لمرض يضر معه الصوم ضررًا يبيح التيمم وإن طرأ على الصوم ويقض.

(وقال الحسن) البصري فيما وصله عبد بن حميد (وإبراهيم) النخعي فيما وصله عبد بن حميد أيضًا (في المرضع والحامل) بالواو ولأبي ذر: أو الحامل (إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما

تفطران) ولو كان في المرضع من غيرها (ثم تقضيان). ويجب مع ذلك الفدية في الخوف على الولد أخذًا من آية (وعلى الذين يطيقونه فدية) قال ابن عباس: إنها نسخت إلا في حق الحامل والمرضع. رواه البيهقي عنه لا في الخوف على المس كالمريض فلا فدية عليه.

(وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام) فإنه يفطر وتجب عليه الفدية دون القضاء (فقد أطعم أنس بعد ما كبر) بكسر الموحدة وشق عليه الصوم وكان حينئذٍ في عشرة المائة (عامًا أو عامين) بالشك من الراوي (كل يوم مسكينًا خبرًا ولحمًا وأفطر) وهذا رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>