للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحس وحب المحاكاة، ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية وفشت في عبارات البلغاء وإشارات الحكماء قاله البيضاوي ({فصرهن}) بضم الصاد (قطعهن) كذا في الفرع كأصله وسقط ذلك لأبي ذر.

٤٨ - باب {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: ٢٧٣]

يُقَالُ: أَلْحَفَ عَلَيَّ، وَأَلَحَّ عَلَيَّ وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ. فَيُحْفِكُمْ: يُجْهِدْكُمْ

({لا يسألون}) ولأبي ذر باب بالتنوين لا يسألون ({الناس إلحافًا}) [البقرة: ٢٧٣] نصب على المصدر بفعل مقدر أي يلحفون إلحافًا والجملة المقدرة حال من فاعل يسألون أو مفعولًا من أجله أي لا يسألون لأجل الإلحاف أو مصدرًا في موضع الحال أي لا يسألون ملحفين (يقال:

ألحف عليّ وألحّ عليّ) سقطت عليّ هذه الأخيرة لأبي ذر (وأحفاني بالمسألة) أي بالغ فيها كل بمعنى واحد، والعرب إذا نفت الحكم عن محكوم عليه فالأكثر في لسانهم نفي ذلك القيد، فإذا قلت: ما رأيت رجلًا صالحًا فالأكثر على أنك رأيت رجلًا لكن ليس بصالح، ويجوز أنك لم تر رجلًا أصلًا فقوله: {لا يسألون الناس إلحافًا} مفهومه أنهم يسألون لكن لا بالحاف، ويجوز أن يراد أنهم لا يسألون ولا يلحفون فهو كقوله: فلان لا يرجى خيره أي لا خير عنده البتة فيرجى (فيحفكم) تبخلوا أي (يجهدكم) في السؤال بالإلحاح.

٤٥٣٩ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيَّ قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلَا اللُّقْمَةُ وَلَا اللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ" يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: " {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: ٢٧٣] ".

وبه قال: (حدّثنا ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) المدني (قال: حدّثني) بالإفراد (شريك بن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم (أن عطاء بن يسار) بالسين المهملة المخففة (وعبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري قالا: سمعنا أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(ليس المسكين) الكامل في المسكنة (الذي تردّه التمرة والتمرتان ولا اللقمة ولا اللقمتان) عند دوراته على الناس للسؤال لأنه قادر على تحصيل قوته وقد تأتيه الزيادة عليه فتزول حاجته ويسقط اسم المسكنة (إنما المسكين) الكامل (الذي يتعفف) عن المسألة فيحسبه الجاهل غنيًّا (واقرؤوا) ولأبي ذر اقرؤوا بحذف الواو (إن شئتم) (يعني قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافًا}) وقائل يعني شيخ المؤلّف سعيد بن أبي مريم كما وقع مبنيًّا عند الإسماعيلي.

والحديث مرّ في باب لا يسألون الناس إلحافًا من كتاب الزكاة.

٤٩ - باب {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] الْمَسُّ: الْجُنُونُ

({وأحل الله البيع}) وفي نسخة باب وأحل الله البيع ({وحرم الربا}) [البقرة: ٢٧٥] جملة مستأنفة من كلام الله ردًّا لما قالوه بحكم العقل من التسويق في البيع والربا وحينئذ فلا محل لها من الإعراب، وقيل هي من تتمة قولهم اعتراضًا على الشرع حيث قالوا: {إنما البيع مثل الربا} فهي في موضع نصب بالقول عطفًا على المقول واستبعد من جهة أن جوابهم بقوله فمن جاءه موعظة من ربه إلى آخره يحتاج إلى تقدير والأصل عدمه (المس) قال الفراء هو (الجنون) وعن ابن عباس مما رواه ابن أبي حاتم قال: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا.

٤٥٤٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ.

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) أبو حفص النخعي الكوفي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن صبيح الكوفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا) {والذين يأكلون الربا} إلى {ولا يظلمون} [البقرة: ٢٧٥] (قرأها) ولأبي ذر: فقرأها (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأكل على الناس) زاد في البيع في المسجد (ثم حرم التجارة في الخمر) بيعًا وشراءً وبعد وقوع تحريمه بمدة.

٥٠ - باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٦] يُذْهِبُهُ

({يمحق الله الربا}) [البقرة: ٢٧٦] قال أبو عبيدة (يذهبه) بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركته فلا ينتفع به بل يعذبه في الدنيا ويعاقبه عليه في الأخرى وفي نسخة باب يمحق الله الربا.

٤٥٤١ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ: أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ الأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَلَاهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ.

وبه قال: (حدّثنا بشر بن خالد) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة الفرائضي العسكري قال: (أخبرنا محمد بن جعفر) غندر (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران ولأبي ذر زيادة الأعمش أنه قال: (سمعت أبا الضحى) مسلم بن صبيح (يحدث عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة) -رضي الله عنها- (أنها قالت: لما أنزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من بيته (فتلاهن في المسجد فحرم

<<  <  ج: ص:  >  >>