للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مفعال من أبنية المبالغة أي صاحب دراسة كتبهم وكان أعلم من بقي من الأحبار بالتوراة وزعم السهيلي أنه أسلم، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مدارسها بضم الميم على وزن المفاعلة من المدارسة. قال في الفتح: والأول أوجه وهو (الذي يدرسها منهم) بضم التحتية وفتح الدال المهملة

وتشديد الراء مكسورة وفي نسخة يدرسها بفتح أوله وسكون الدال وضم الراء مخففة (كفه على آية الرجم فطفق) بكسر الفاء أي فجعل (يقرأ) من التوراة (ما دون يده) أي قبلها (وما وراءها ولا يقرأ آية الرجم فنزع) عبد الله بن سلام (يده عن آية الرجم فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك) أي اليهود (قالوا): ولأبي ذر عن الكشميهني فلما رأى ذلك أي المدراس قال: (هي آية الرجم فأمر بهما) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فرجما) بحكم شرعه (قريبًا من حيث موضع الجنائز) برفع موضع في الفرع كأصله وغيرهما لأن حيث لا تضاف إلى ما بعدها إلا أن يكون جملة (عند المسجد).

وفي هذه القصة من حديث جابر عند أبي داود في سننه: أنه شهد عنده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة. قال النووي: فإن صح هذا فإن كان الشهود مسلمين فظاهر، وإن كانوا كفارًا فلا اعتبار بشهادتهم ويتعين أنهما أقرّا بالزنا، فلذا حكم عليه الصلاة والسلام برجمهما.

(قال) أي ابن عمر (فرأيت صاحبها) أي صاحب المرأة الذي زنى بها (يجنأ) بفتح أوله وسكون الجيم وبعد النون المفتوحة همزة مضمومة أي أكب، ولأبي ذر عن الكشميهني يحني بفتح حرف المضارعة وسكون الحاء المهملة وكسر النون بعدها تحتية أي يميل وينعطف (عليها) حال كونه (يقيها الحجارة).

وفي هذا الحديث من الفوائد وجوب حدّ الزنا على الكافر، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والجمهور خلافًا لمالك حيث قال: لا حدّ عليه وأنه ليس من شرط الإحصان المقتضي للرجم الإسلام وهو مذهب الشافعي وأحمد خلافًا لمالك وأبي حنيفة حيث قالا: لا يرجم الذمي لأن من شرط الإحصان الإسلام وأن أنكحة الكفار صحيحة وإلاّ لما ثبت إحصانهم وأنهم مخاطبون بالفروع خلافًا للحنفية.

وهذا الحديث قد سبق مختصرًا في الجنائز ويأتي إن شاء الله في الحدود.

٧ - باب {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}

هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({كنتم خير أمة أُخرجت للناس}) [آل عمران: ١١٠]. قيل كان ناقصة على بابها فتصلح للانقطاع نحو: كان زيد قائمًا، وللدوام نحو: {وكان الله غفورًا رحيمًا} فهي بمنزلة لم يزل وهذا بحسب القرائن فقوله: {كنتم خير أمة} لا يدل على أنهم لم يكونوا خيرًا فصاروا خيرًا أو انقطع ذلك عنهم، وقال في الكشاف: كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض على سبيل الإِبهام وليس فيه دليل على عدم سابق ولا على انقطاع طارئ ومنه قوله تعالى: {وكان الله غفورًا رحيمًا} و {كنتم خير أمة} كأنه قيل وجدتم خير أمة. قال أبو حبان: قوله لم يدل على عدم سابق هذا إذا لم تكن بمعنى صار فإذا كانت بمعنى صار دلت على عدم سابق.

فإذا قلت: كان زيد عالمًا بمعنى صار زيد عالمًا دلت على أنه انتقل من حالة الجهل إلى حالة العلم؛ وقوله ولا على انقطاع طارئ قد سبق أن الصحيح أنها كسائر الأفعال يدل لفظ المضي منها على الانقطاع، ثم قد يستعمل حيث لا انقطاع، وفرق بين الدلالة والاستعمال ألا ترى أنك تقول هذا اللفظ يدل على العموم ثم قد يستعمل حيث لا يراد العموم بل يزاد الخصوص، وقوله: كأنه قيل وجدتم خير أمة بدل على أنها التامة وأن خبر أمة حال، وقوله: وكان الله غفورًا رحيمًا، لا شك أنها الناقصة فتعارضا.

وأجاب أبو العباس الحلبي: بأنه لا تعارض لأن هذا تفسير معنى لا تفسير إعراب، وقيل إن كان هنا تامة بمعنى وجدتم وحينئذ فخير أمة نصب على الحال، وقيل زائدة أي أنتم خير أمة، والخطاب للصحابة وهذا مرجوح أو غلط لأنها لا تزاد أولًا، وقد نقل ابن مالك الاتفاق عليه، وقيل الخطاب لجميع الأمة أي كنتم في علم الله، وقيل في اللوح المحفوظ.

وعن ابن عباس فيما رواه أحمد في مسنده

<<  <  ج: ص:  >  >>