للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي حاتم من طريق السدي قال: كان لجابر بنت عم دميمة ولها مال ورثته عن أبيها، وكان جابر يرغب عن نكاحها ولا يُنكحها خشية أن يذهب الزوج بمالها فسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذلك (فنزلت هذه الآية).

وهذا الحديث سبق في باب {وإن خفتم ألاّ تقسطوا في اليتامى} أول هذه السورة.

({وإن امرأة خافت من بعلها}) أي زوجها ({نشوزًا}) بأن يتجافى عنها ويمنعها نفقته ونفسه أو يؤذيها بشتم أو ضرب ({أو إعراضًا}) [النساء: ١٢٨] بتقليل المحادثة والمؤانسة بسبب طعن في سن أو دمامة أو غيرهما أو امرأة فاعل بفعل مضمر واجب الإضمار وهو من باب الاشتغال والتقدير وإن خافت امرأة خافت ولا يجوز رفعه بالابتداء لأن أداة الشرط لا يليها إلا الفعل عند جمهور البصريين.

(وقال ابن عباس): فيما وصله ابن أبي حاتم {شقاق} يريد قوله تعالى: {إن خفتم شقاق بينهما} [النساء: ٣٥] أي (تفاسد) وأصل الشقاق المخالفة وكون كل واحد من المتخالفين في شق غير صاحبه ومحل ذكر هذه الآية قبل على ما لا يخفى.

٢٣ - باب {وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: ١٢٨]

هَوَاهُ فِي الشَّيْءِ يَحْرِصُ عَلَيْهِ. {كَالْمُعَلَّقَةِ} لَا هِيَ أَيِّمٌ وَلَا ذَاتُ زَوْجٍ {نُشُوزًا}: بُغْضًا.

({وأحضرت الأنفس الشح}) قال الإمام: المعنى أن الشح جعل كالأمر المجاور للنفوس

اللازم لها يعني أن النفوس مطبوعة على الشح، وهذا معنى قول الكشاف: إن الشح قد جعل

حاضرًا لها لا يغيب عنها أبدًا ولا تنفك عنه يعني أنها مطبوعة عليه، فالمرأة لا تكاد تسمح

بقسمتها وبغير قسمتها والرجل لا تكاد نفسه تسمح بأن يقسم لها وأن يمسكها إذا رغب عنها

وأحب غيرها، وجملة وأحضرت كقوله: {والصلح خير} اعتراض. قال أبو حيان: كأنه يريد أن قوله: {وإن يتفرقا} معطوف على قوله: {فلا جناح عليهما} فجاءت الجملتان بينهما اعتراضًا، وتعقبه بعضهم فقال فيه نظر فإن بعدهما جملًا أُخر ينبغي أن يقول الزمحشري في الجميع إنها اعتراض ولا يخص {والصلح خير وأحضرت الأنفس} بذلك، وإنما أراد الزمخشري بذلك الاعتراض بين قوله: {وإن امرأة خافت} وقوله: ({وأن تحسنوا} [النساء: ١٢٨] فإنهما شرطان متعاطفان ويدل عليه تفسيره بما يفيد هذا المعنى فلينظر من موضعه، وقد فسر المؤلّف الشح بما فسره به ابن عباس مما وصله ابن أبي حاتم حيث قال: (هواه في الشيء يحرص عليه) وقيل: الشح البخل مع الحرص، وقيل الإفراط في الحرص.

({كالمعلقة}) يريد: {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة} [النساء: ١٢٩] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم: (لا هي أيم) بهمزة مفتوحة وتحتية مشددة مكسورة أي لا زوج لها (ولا ذات زوج) وقال ابن عباس أيضًا مما وصله ابن أبي حاتم أيضًا من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله: ({نشوزًا}) أي (بغضًا).

٤٦٠١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتِ: الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) أبو الحسن المجاور بمكة قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها-) في قوله تعالى: ({وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا} قالت: الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها) أي في المحبة والمعاشرة والملازمة (يريد أن يفارقها فتقول أجعلك من شأني) من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقوقي (في حل) أي وتتركني بغير طلاق (فنزلت هذه الآية) زاد أبوا الوقت وذر عن الحموي: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا} الآية. (في ذلك) فإذا تصالح الزوجان على أن تطيب له نفسًا في القسمة أو عن بعضها فلا جناح عليهما كما فعلت سودة بنت زمعة فيما رواه الترمذي عن ابن عباس بلفظ: خشيت سودة أن يطلقها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل ونزلت هذه الآية وقال: حسن غريب. وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة وترك سودة في جملة نسائه وفعل ذلك لتتأسى به أمته في مشروعية ذلك وجوازه.

٢٤ - باب {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ} [النساء: ١٤٥] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَسْفَلَ: النَّارِ. نَفَقًا: سَرَبًا

({إن المنافقين}) وفي نسخة باب بالتنوين أي في قوله تعالى: ({إن المنافقين في الدرك

الأسفل}) [النساء: ١٤٥]. زاد أبوا ذر والوقت ({من النار} وقال): بالواو ولأبي ذر: قال (ابن عباس): مما وصله ابن أبي حاتم أي (أسفل النار)، وللنار سبع دركات

<<  <  ج: ص:  >  >>