للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحبّ إليّ من أن أعيش ولا أراك ({ولكن انظر إلى الجبل}) زبير الذي هو أشد منك خلقًا ({فإن استقر}) ثبت ({مكانه فسوف تراني}) إشارة إلى عدم قدرته على الرؤية على وجه الاستدراك، وفي تعليق الرؤية على استقرار الجبل دليل للجواز ضرورة أن المعلق على الممكن ممكن ({فلما تجلّى ربه للجبل}) أي ظهرت عظمته له وقدرته وأمره، وحمل اللفظ على المعهود والأكمل أولى فيجوز أن يخلق الله له حياة وسمعًا وبصرًا كما جعله محلاًّ لخطابه بقوله: {يا جبالُ أوّبي معه} [سبأ: ١٠] وكما جعل الشجرة محلًا لكلامه وكل هذا لا يحيله من يؤمن بأن الله على كل شيء قدير ({جعله دكًّا})

مدكوكًا مفتتًا. وعن ابن عباس صار ترابًا. وعند ابن مردويه أنه ساخ في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة، وعند ابن أبي حاتم من حديث أنس بن مالك مرفوعًا: لما تجلى ربه للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بالمدينة وثلاثة بمكة. بالمدينة أُحد وورقان ورضوى، وبمكة حراء وثبير وثور. قال ابن كثير: وهو حديث غريب بل منكر ({وخرّ موسى صعقًا}) مغشيًا عليه من شدة هول ما رأى ({فلما أفاق}) أي من الغشي ({قال: سبحانك تبت إليك}) أي أنزهك وأتوب إليك عن أن أطلب الرؤية في الدنيا أو بغير إذنك وحسنات الأبرار سيئات المقربين فكانت التوبة لذلك فإن التوبة في حق الأنبياء لا تكون عن ذنب لأن منزلتهم العلية تصان عن كل ما يحط عن مرتبة الكمال ({وأنا أوّل المؤمنين}) [الأعراف: ١٤٣] بأنها لا تطلب في الدنيا أو بغير الإذن، وسقط لأبي ذر: قال لن تراني الخ، وقال بعد قوله: {أرني أنظر إليك} الآية.

(قال ابن عباس) -رضي الله عنهما-: فيما وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه في تفسير قوله: (أرني) أنظر إليك أي (أعطني).

٤٦٣٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ وَجْهِي قَالَ: «ادْعُوهُ» فَدَعَوْهُ قَالَ: «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. فَقُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ؟! وَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ قَالَ: «لَا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». المَنَّ والسَّلْوَى.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) هو ابن عيينة (عن عمرو بن يحيى) بفتح العين (المازني) بالزاي والنون الأنصاري المدني (عن أبيه) يحيى بن عمارة (عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-) أنه (قال: جاء رجل من اليهود) قيل اسمه فنحاص بكسر الفاء وسكون النون وبعد الحاء المهملة ألف فصاد مهملة، وعزاه ابن بشكوال لابن إسحاق وفيه نظر سبق في الأشخاص (إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد لطم وجهه) بضم اللام وكسر الطاء المهملة مبنيًّا للمفعول ووجهه رفع مفعول نائب عن الفاعل (وقال: يا محمد إن رجلًا من أصحابك من الأنصار لطم في وجهي) وهذا يضعف قول الحافظ أبي بكر بن أبي الدنيا أن الذي لطم اليهودي في هذه القصة هو أبو بكر الصديق لأن ما في الصحيح أصح وأصرح (قال) عليه الصلاة والسلام: (ادعوه فدعوه) فلما حضر (قال) عليه الصلاة والسلام مستفهمًا منه (لم لطمت وجهه؟ قال) الأنصاري: (يا رسول الله إني مررت باليهود) الذي هذا كان فيهم (فسمعته يقول): أي في حلفه (والذي اصطفى موسى على البشر فقلت): ولأبي ذر عن الكشميهني قلت (وعلى محمد) زاد أبو ذر عن

الحموي والمستملي قال: فقلت وعلى محمد (وأخذتني غضبة) من ذلك (فلطمته قال) عليه الصلاة والسلام، ولأبي ذر فقال على طريق التواضع أو قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم (لا تخيروني من بين الأنبياء) أو تخييرًا يؤدّي إلى تنقيص أو لا تقدموا على ذلك بأهوائكم وآرائكم بل بما آتاكم الله من البيان أو بالنظر إلى النبوّة والرسالة فإن شأنهما لا يختلف باختلاف الأشخاص بل كلهم في ذلك سواء وإن اختلفت مراتبهم (فإن الناس يصعقون يوم القيامة).

قال الحافظ ابن كثير: الظاهر أن هذا الصعق يكون في عرصات القامة يحصل أمر يصعقون منه الله أعلم به وقد يكون ذلك إذا جاء الرب لفصل القضاء وتجلى للخلائق الملك الديان كما صعق موسى من تجلي الرب عز وجل، ولذا قال نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" اهـ.

لكن في رواية عبد الله بن الفضل ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أوّل من بعث

<<  <  ج: ص:  >  >>