للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن أبي جميلة بفتح الجيم الأعرابي العبدي المصري قال: (حدّثنا أبو رجاء) عمران العطاردي قال: (حدّثنا سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنا) في حكاية منامه الطويل:

(أتاني الليلة آتيان) بهمزة ممدودة ففوقية مكسورة فتحتية أي ملكان (فابتعثاني) من النوم (فانتهيا) وأنا معهما ولغير أبي ذر: فانتهينا (إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة) بكسر الموحدتين من لبن (فتلقانا رجال شطر) نصف (من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر) أي نصف (كأقبح ما أنت راء قالا) الملكان (لهم) للرجال (اذهبوا فقعوا في ذلك النهر) بفتح الهاء (فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة قالا) الملكان (لي: هذه جنة عدن وهذاك منزلك قالا: أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح) قيل الصواب حسنًا

وقبيحًا لكن كان تامة وشطر مبتدأ وحسن خبره والجملة حال بدون الواو وهو فصيح كقوله اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ قاله الكرماني وغيره (فإنهم خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم) كذا أورده مختصرًا هنا، ويأتي بتمامه إن شاء الله تعالى بعون الله وقوّته في التعبير.

١٦ - باب قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١١٢]

(باب قوله) تعالى ({ما كان}) أي ما ينبغي ({للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}) [التوبة: ١١٢] لأن النبوّة والإيمان يمنعان من ذلك وسقط باب وتاليه لغير أبي ذر.

٤٦٧٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.

وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (إسحاق بن إبراهيم) بن نصر أبو إبراهيم السعدي المروزي وقيل البخاري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (معمر) بسكون العين ابن رشاد البصري (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سعيد بن المسيب) بفتح التحتية وقد تكسر (عن أبيه) المسيب بن خزن أنه (قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة) أي علاماتها (دخل النبي) ولغير أبي ذر دخل عليه النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنده أبو جهل) عمرو بن هشام (وعبد الله بن أبي أمية) المخزومي أسلم عام الفتح (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(أي عم) أي يا عمي وحذفت ياء الإضافة للتخفيف (قل لا إله إلا الله) وجواب الأمر قوله (أحاج) بضم الهمزة وتشديد الجيم آخره (لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب) بهمزة الاستفهام الإنكاري أي أتعرض (عن ملة عبد المطلب؟) أبيك (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما أبى أن يقول كلمة الإخلاص (لأستغفرن لك) كما استغفر إبراهيم لأبيه (ما لم أُنه عنك) بضم الهمزة وسكون النون مبنيًا للمفعول (فنزلت) في أبي طالب آية: ({ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}) لموتهم على الشرك.

وقيل: إن سبب نزولها ما في مسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه عن

أبي هريرة -رضي الله عنه- أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة" قال في الكشاف: وهذا أصح لأن موت أبي طالب وإن قبل الهجرة وهذا آخر ما نزل بالمدينة وتعقبه صاحب التقريب فيما حكاه الطيبي بأنه يجوز أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يستغفر لأبي طالب إلى حين نزولها والتشديد مع الكفار إنما ظهر في هذه السورة. قال في فتوح الغيب: وهذا هو الحق ورواية نزولها في أبي طالب هي الصحيحة وسقط قوله: ولو كانوا أولي قربى الخ لأبي ذر وقال بعد قوله للمشركين الآية.

١٧ - باب قَوْلِهِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١١٧]

(باب قوله) سبحانه وتعالى: ({لقد تاب الله على النبي}) من إذنه للمنافقين في التخلف في غزوة تبوك والأحسن أن يكون من قبيلاً {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} وقيل هو بعث على التوبة على سبيل التعريض لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ممن يستغني عن التوبة فوصف بها ليكون بعثًا للمؤمنين على التوبة على

<<  <  ج: ص:  >  >>