للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرأب وهو الإصلاح يقال فيه رأب بين القوم إذا أصلح بينهم قال وفي توجيهه هنا بعد. وقال الخطابي: الصواب ما أربكم بتقديم الهمزة وفتحتين من الأرب وهو الحاجة. قال الحافظ ابن حجر: وهذا واضح المعنى لو ساعدته الرواية نعم رأيته في رواية المسعودي عن الأعمش عند الطبري كذلك، وذكر ابن التين أن في رواية القابسي كرواية الحموي لكن بتحتية بدل الموحدة ما رأيكم أي بسكون الهمزة من الرأي انتهى. وهذا الذي حكاه عن رواية القابسي رأيته كذلك في فرع اليونينية كأصله عن أبي ذر عن الحموي.

(وقال بعضهم لا يستقبلكم بشيء) بالرفع على الاستئناف ويجوز الجزم على النهي وفي العلم وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء (تكرهونه) إن لم يفسره لأنهم قالوا إن فسره فليس بنبي وذلك أن في التوراة أن الروح مما انفرد الله بعلمه ولا يطلع عليه أحدًا من عباده فإذا لم يفسره دل على نبوّته وهم يكرهونها وفيه قيام الحجة عليهم في نبوّته (فقالوا: سلوه فسألوه عن الروح، فأمسك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يرد عليهم) ولأبي ذر عن الكشميهني فلم يرد عليه (شيئًا) بالإفراد أي على

السائل وفي العلم فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ قال ابن مسعود (فعلمت أنه يوحى إليه) في التوحيد فظننت بدل فعلمت وإطلاق الظن على العلم معروف (فقمت مقامي) أي في مقامي أي لأحول بينه وبين السائلين أو فقمت عنه أي لئلا يتشوش بقربي منه وفي الاعتصام فتأخرت عنه (فلما نزل الوحي) عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال: {ويسألونك عن الروح}) قال البرماوي وغيره ظاهر السياق يقتضي أن الوحي لم يتأخر لكن في مغازي ابن إسحاق أنه تأخر خمس عشرة ليلة، وكذا قال القاضي عياض أنه ثبت كذلك في مسلم أي ما يقتضي الفورية وهو وهم بين لأنه إنما جاء هذا القول عند انكشاف الوحي وفي البخاري في كتاب الاعتصام فلما صعد الوحي وهو صحيح، قال في المصابيح: هذه الإطلاقات صعبة في الأحاديث لا سيما ما اجتمع على تخريجه الشيخان ولا أدري ما هذا الوهم ولا كيف هو ولما حرف وجود لوجود أي أن مضمون الجملة الثانية وجد لأجل مضمون الأولى كما تقول لما جاءني زيد أكرمته فالإكرام وجد لوجود المجيء كذلك تلاوته عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى: {ويسألونك عن الروح} الآية كانت لأجل وجود إنزالها ولا يضر في ذلك كون الإنزال تأخر عن وقت السؤال وأما قوله أن هذا القول إنما كان بعد انكشاف الوحي فمسلم إذ هو لا يتكلم بالمنزل عليه في نفس وقت الإنزال، وإنما يتكلم به بعد انقضاء زمن الوحي واتحاد زمني الفعلين الواقعين في جملتي لما غير شرط كما إذا قلت لما جاءني زيد أكرمته فلا يشترط في صحة هذا الكلام أن يكون الإكرام والمجيء واقعين في زمن واحد لا يتقدم أحدهما على الآخر ولا يتأخر بل هذا التركيب صحيح إذا كان الإكرام متعقبًا للمجيء.

فإن قلت: لعله بناه على رأي الفارسي ومن تبعه في أن لما ظرف بمعنى حين فيلزم أن يكون الفعل الثاني واقعًا في حين الفعل الأول؟ قلت: ليس مراد الفارسي ولا غيره من كونها بمعنى حين ما فهمته من اتحاد الزمنين باعتبار الابتداء والانتهاء إلا أنه يصح أن تقول جئت حين جاء زيد وإن كان ابتداء مجيئك في آخر مجيء زيد ومنتهاه بعد ذلك والمشاحة في مثل هذا والمضايقة فيه مما لم تبن لغة العرب عليه اهـ.

({قل الروح من أمر ربي}) أي مما استأثر الله بعلمه فهو من أمر رب لا من أمري فلا أقول لكم ما هي والأمر بمعنى الشأن أي معرفة الروح من شأن الله لا من شأن غيره ولا يلزم من عدم العلم بحقيقته المخصوصة نفيه فإن أكثر حقائق الأشياء وماهيتها مجهولة ولم يلزم من كونها مجهولة نفيها ويؤيده قوله تعالى: ({وما أوتيتم من العلم إلا}) علمًا أو إيتاءً ({قليلًا}) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وما أوتوا بضمير الغائب وهي قراءة شاذة مروية عن الأعمش مخالفة للمصحف ليست من طرق كتابي الذي جمعته في القراءات الأربعة عشر وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>