للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق بن معاوية قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا أبو صالح) ذكوان السمان (عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي نسخة قال النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(يؤتى بالموت) الذي هو عرض من الأعراض جسمًا (كهيئة كبش أملح) بالحاء المهملة فيه بياض وسواد لكن سواده أقل (فينادي مناد) لم يسم (يا أهل الجنة فيشرئبون) بفتح التحتية وسكون الشين المعجمة وفتح الراء وبعد الهمزة المكسورة موحدة مشدّدة فواو ساكنة فنون آخره أي يمدون أعناقهم ويرفعون رؤوسهم (وينظرون) وعند ابن حبان في صحيحه وابن ماجه عن أبي هريرة فيطلعون خائفين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه (فيقول هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت وكلهم قد رآه) أي وعرفه بما يلقيه الله في قلوبهم أنه الموت (ثم ينادي) أي المنادي (يا أهل النار فيشرئبون وينظرون) وعند ابن حبان وابن ماجة فيطلعون فرحين مستبشرين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه (فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيذبح).

وفي باب صفة الجنة والنار من كتاب الرقاق جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح، وعند ابن ماجه فيذبح على الصراط، وعند الترمذي في باب خلود أهل الجنة من حديث أبي هريرة فيضجع فيذبح ذبحًا على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار وفي تفسير إسماعيل بن أبي زياد الشامي أحد الضعفاء في آخر حديث السور الطويل أن الذابح له جبريل عليه السلام كما

نقله عنه الحافظ ابن حجر، وذكر صاحب خلع النعلين فيما نقله في التذكرة أن الذابح له يحيى بن زكريا بين يدي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال قوم: المذبوح متولي الموت وكلهم يعرفه لأنه الذي تولى قبض أرواحهم في الدنيا.

فإن قلت: ما الحكمة في مجيء الموت في صورة الكبش دون غيره؟ أجيب: بأن ذلك إشارة إلى حصول الفداء لهم به كما فدى ولد الخليل بالكبش وفي الأملح إشارة إلى صفتي أهل الجنة والنار.

(ثم يقول) ذلك المنادي: (يا أهل الجنة خلود) أبد الآبدين (فلا موت ويا أهل النار خلود) أبد الآددين (فلا موت) وخلود إما مصدر أي أنتم خلود ووصف بالمصدر للمبالغة كرجل عدل أو جمع أي أنتم خالدون زاد في الرقاق فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم ويزداد، أهل النار حزنًا إلى حزنهم وعند الترمذي فلو أن أحدًا مات فرحًا لمات أهل الجنة ولو أن أحدًا مات حزنًا لمات أهل النار (ثم قرأ) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو أبو سعيد ({وأنذرهم يوم الحسرة}) الخطاب للنبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي أنذر جميع الناس (إذ قضي الأمر) أي فصل بين أهل الجنة والنار ودخل كل إلى ما صار إليه مخلدًا فيه ({وهم في غفلة}) - أي ({وهؤلاء في غفلة}) أي ({أهل الدنيا}) إذ الآخرة ليست دار غفلة ({وهم لا يؤمنون}) نفى عنهم الإيمان على سبيل الدوام مع الاستمرار في الأزمنة الماضية والآتية على سبيل التأكيد والمبالغة.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في صفة النار والترمذي والنسائي في التفسير.

٢ - باب قَوْلِهِ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: ٦٤]

(باب قوله) جل وعلا وسقط لفظ قوله لأبي ذر وثبت له لفظ باب ({وما نتنزل إلا بأمر ربك}) هو حكاية قول جبريل حين استبطأه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ({له ما بين أيدينا}) أي الآخرة ({وما خلفنا}) [مريم: ٦٤] الدنيا وثبت لأبي ذر له ما بين أيدينا الخ.

٤٧٣١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِجِبْرِيلَ: «مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟» فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}.

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عمر بن ذر) بضم العين وذر بالمعجمة المفتوحة والراء المشددة ابن عبد الله بن زرارة الهمداني الكوفي (قال سمعت}) ذرًّا (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنه-) وعن أبيه أنه قال: (قال النبي) وفي نسخة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لجبريل) أي لما احتبس عنه:

(ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا}) وعند ابن إسحاق من وجه آخر عن ابن عباس أن قريشًا لما سألوا عن أصحاب الكهف فمكث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمس عشرة ليلة لا يحدث الله في ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>