للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سلالة: الولد والنطفة السلالة) لأنه استل من أبيه وهو مثل البرادة والنحاتة لما يتساقط الشيء بالبرد والنحت وقال الكرماني ليس الولد تفسيرًا للسلالة بل مبتدأ خبره السلالة وهي فعالة وهو بناء يدل على القلة كالقلامة.

(والجنة) في قوله {أم يقولون به جنة} (والجنون واحد) في المعنى وقيل كانوا يعملون بالضرورة أنه أرجحهم عقلًا وأثقبهم نظرًا فالمجنون كيف يمكنه أن يأتي بمثل ما أوتي به من الدلائل القاطعة والشراع الكاملة الجامعة.

(والغثاء) في قوله: {فجعلناهم غثاء} هو (الزبد وما ارتفع عن الماء وما لا ينتفع به) وهو من غثا الوادي يغثو غثوًا بالواو وأما غثت نفسه تغثي غثيانًا أي خبثت فهو قريب من معناه ولكنه من مادّة الياء.

(يجأرون) أي (يرفعون أصواتهم) بالاستغاثة والضجيج (كما تجأر البقرة) لشدة ما نالهم.

({على أعقابكم}) [المؤمنون: ٦٦] يقال (رجع على عقبيه) أي أدبر يعني أنهم مدبرون عن سماع الآيات.

(سامرًا) نصب على الحال من فاعل تنكصون أو من الضمير في مستكبرين مأخوذ (من السمر) وهو سهر الليل مأخوذ وهو ما يقع على الشجر من ضوء القمر فيجلسون إليه يتحدثون مستأنسين به قال:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

وقال الراغب السامر الليل المظلم (والجميع السمار) بوزن الجمار (والسامر ها هنا في موضع الجمع) وهو الأفصح تقول قوم سامر ونظيره نخرجكم طفلًا.

(تسحرون) أي فكيف (تعمون من السحر) حتى يخيل لكم الحق باطلًا مع ظهور الأمر وتظاهر الأدلة وثبت من قوله تجأرون إلى هنا في رواية النسفيّ وسقط لغيره كما نبه عليه في الفتح.

[٢٤] سورة النُّورِ

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) {مِنْ خِلَالِهِ} مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ {سَنَا بَرْقِهِ} وَهُوَ الضِّيَاءُ. مُذْعِنِينَ يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ. أَشْتَاتًا وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا}: بَيَّنَّاهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الْقُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ لأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّىَ قُرْآنًا، وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ {الْمِشْكَاةُ} الْكُوَّةُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}: تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}: فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أَيْ مَا جُمِعَ فِيهِ فَاعْمَلْ بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ اللَّهُ، وَيُقَالُ لَيْسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ أَيْ تَأْلِيفٌ، وَسُمِّيَ الْفُرْقَانَ لأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ مَا قَرَأَتْ بِسَلًا قَطُّ أَيْ لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا. وَقَالَ: {فَرَّضْنَاهَا} أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً، وَمَنْ قَرَأَ: {فَرَضْنَاهَا} يَقُولُ: فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا لَمْ يَدْرُوا لِمَا بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ أُولِي الإِرْبَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِرْبٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يُهِمُّهُ إِلَاّ بَطْنُهُ وَلَا يُخَافُ عَلَى النِّسَاءِ وَقَالَ طَاوُسٌ: هُوَ الأَحْمَقُ الذِي لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ.

[[٢٤] سورة النور]

مدنية وهي ثنتان أو أربع وستون آية.

(بسم الله الرحمن الرحيم) ثبتت البسملة لأبي ذر وفي بعض النسخ ثبوتها مقدمة على السورة.

(من خلاله) في قوله تعالى: {فترى الودق يخرج من خلاله} [النور: ٤٣] أي فترى المطر يخرج (من بين أضعاف السحاب) وخلال مفرد كحجاب أو جمع كجبال جمع جبل.

(سنا برقه وهو الضياء) يقال: سنا يسنو سنا أي أضاء يضيء قال امرؤ القيس:

يضيء سناه أو مصابيح راهب

والسناء بالمد الرفعة والمعنى هنا يكاد ضوء برق السحاب يذهب بالأبصار من شدة ضوئه والبرق الذي صفته كذلك لا بد وأن يكون نارًا عظيمة خالصة والنار ضد الماء والبرد فظهوره يقتضي ظهور الضد من الضد وذلك لا يمكن إلا بقدرة قادر حكيم وسقط لغير أبي ذر قوله وهو من قوله وهو الضياء.

(مذعنين) في قوله تعالى: {وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين} [النور: ٤٩] (يقال للمستخذي) بالخاء والذال المعجمتين اسم فاعل من استخذى أي خضع (مذعن) بالذال المعجمة أي منقاد يريد إن كان لهم الحكم لا عليهم يأتوا إليه منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم.

(أشتاتًا وشتى) بتشديد التاء (وشتات) بتخفيفها (وشت) بتشديدها (واحد) في المعنى ومراده ما في قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} [النور: ٦١] وجميعًا حال من فاعل تأكلوا وأشتاتًا عطف عليه والأكثرون على أن الآية نزلت في بني ليث بن عمرو حيّ من كنانة كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده فيمكث يومه حتى يجد ضيفًا يأكل معه فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئًا وربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح إلى الرواح فنزلت هذه الآية فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا جميعًا مجتمعين أو أشتاتًا متفرقين.

(وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى: ({سورة أنزلناها}) [النور: ١] أي (بيناها) قال الزركشي تبعًا للقاضي عياض كذا في النسخ والصواب أنزلناها وفرضناها بيناها فبيناها تفسير فرضناها لا تفسير أنزلناها ويدل عليه قوله بعد هذا ويقال في فرضناها أنزلنا فيها فرائض مختلفة فإنه يدل على أنه تقدم له تفسير

<<  <  ج: ص:  >  >>