للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظهري من الحدّ) في موضع نصب بقوله فلينزلن الله (فنزل جبريل) عليه السلام (وأنزل عليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ({والذين يرمون أزواجهم}) فقرأ حتى بلغ ({إن كان من الصادقين}) أي فيما رماها الزوج به (فانصرف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأرسل إليها) أي إلى خولة بنت عاصم زوج هلال فحضرت بين يديه (فجاء هلال فشهد) أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين في الرمي (والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب).

قال القاضي عياض، وتبعه النووي في قوله أحدكما رد على من قال من النحاة إن لفظ أحد لا يستعمل إلا في النفي وعلى من قال منهم لا يستعمل إلا في الوصف وأنه لا يوضع في موضع واحد ولا يقع موقعه وقد أجازه المبرد وجاء في هذا الحديث في غير وصف ولا نفي بمعنى واحد اهـ.

وتعقب الفاكهاني ذلك فقال: هذا من أعجب ما وقع للقاضي عياض مع براعته وحذقه فإن الذي قاله النحاة إنما هو في أحد التي للعموم نحو ما في الدار من أحد وما جاءني من أحد وأما أحد بمعنى واحد فلا خلاف في استعمالها في الإثبات نحو قل هو الله أحد ونحوه فشهادة أحدهم ونحو أحدكما كاذب.

(فهل منكما تائب)؟ عرض لهما بالتوبة بلفظ الاستفهام لإبهام الكاذب منهما فلذلك لم يقل لهما توبا ولا لأحدهما بعينه تب ولا قال ليتب الكاذب منكما وزاد جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عند الطبري والحاكم والبيهقي فقال هلال: الله إني لصادق (ثم قامت) أي زوجته (فشهدت) أي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به (فلما كانت عند) المرّة (الخامسة وقفوها) بتشديد القاف ولأبي ذر وقفوها بتخفيفها (وقالوا: إنها موجبة) للعذاب الأليم إن كنت كاذبة.

(قال ابن عباس) بالسند السابق: (فتلكأت) بهمزة مفتوحة بعد الكاف المشددة بوزن تفعلت أي تباطأت عن ذلك (ونكصت) أي أحجمت (حتى ظننا أنها ترجع) عن مقالتها في تكذيب الزوج ودعوى البراءة عما رماها به (ثم قالت: لا أفضح) بفتح الهمزة والمعجمة (قومي سائر اليوم) أي جميع الأيام أيام الدهر أو فيما بقي من الأيام بالأعراض عن اللعان والرجوع إلى تصديق الزوج وأريد باليوم الجنس ولذلك أجراه مجرى العام (فمضت) أي في تمام اللعان (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أبصروها) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر المهملة (فإن جاءت به) أي الولد (أكحل العينين) أي شديد سواد جفونهما خلقة من غير اكتحال (سابغ الأليتين) أي غليظهما (خدلج الساقين) بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة وبعد اللام المشددة جيم عظيمهما (فهو لشريك ابن سحماء فجاءت به كذلك، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لولا ما مضى من كتاب الله) في آية اللعان (لكان لي ولها شأن) في إقامة الحدّ عليها وفي ذكر الشأن وتنكيره تهويل عظيم لما كان يفعل بها أي لفعلت بها لتضاعف ذنبها ما يكون عبرة للناظرين وتذكرة للسامعين.

قال الكرماني، فإن قلت: الحديث الأول يدل على أن عويمرًا هو الملاعن والآية نزلت فيه والولد شابهه والثاني أن هلالًا هو الملاعن والآية نزلت فيه والولد شابهه. وأجاب بأن النووي قال: اختلفوا في نزول آية اللعان هل هو بسبب عويمر أم بسبب هلال؟ والأكثرون أنها نزلت في هلال، وأما قوله عليه الصلاة والسلام لعويمر: إن الله قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فقالوا معناه الإشارة إلى ما نزل في قصة هلال لأن ذلك حكم عام لجميع الناس ويحتمل أنها نزلت فيهما جميعًا فلعلهما سألا في وقتين متقاربين فنزلت الآية فيهما وسبق هلال باللعان. اهـ.

قال في الفتح: ويؤيد التعدد أن القائل في قصة هلال سعد بن عبادة كما أخرجه أبو داود والطبري والقائل في قصة عويمر عاصم بن عدي كما في حديث سهل السابق ولا مانع أن تتعدّد القصص ويتحد النزول وجنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين وأنكر جماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>