للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستغراق والمعنى ما رأت العيون لهن ولا عين واحدة منهن والأسلوب من باب قوله تعالى: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} [غافر: ١٨] يحتمل نفي الرؤية والعين معًا أو نفي الرؤية فحسب أي لا رؤية ولا عين أو لا رؤية وعلى الأوّل الغرض منه نفي العين وإنما ضمت إليه الرؤية ليؤذن بأن انتفاء الموصوف أمر محقق لا نزاع فيه وبلغ في تحققه إلى أن صار كالشاهد على نفي الصفة وعكسه ومثله قوله:

(ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) من باب قوله تعالى: {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} [غافر: ٥٢] أي لا قلب ولا خطور أو لا خطور فعلى الأوّل ليس لهم قلب يخطر فجعل انتفاء الصفة دليلًا على انتفاء الذات أي إذا لم نحصل ثمرة القلب وهو الأخطار قد قلب كقوله تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع} [ق: ٣٧] وخص البشر هنا دون القرينتين السابقتين لأنهم الذين ينتفعون بما أعدّ لهم ويهتمون لشأنه ببالهم بخلاف الملائكة.

(قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين}) [السجدة: ١٧] والحديث كالتفصيل لهذه الآية لأنها نفت العلم وهو نفي طرق حصوله وقد ذكره المصنف في صفة الجنة من كتاب بدء الخلق.

(وحدّثنا سفيان) هو موصول كسابقه وللأصيلي وابن عساكر قال: علي يعني ابن المديني وحدّثنا سفيان ولأبي ذر حدّثنا علي قال: حدّثنا سفيان يعني ابن عيينة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله (عن الأعرج) عبد الرحمن (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: قال الله مثله) أي مثل ما في الحديث السابق.

(قيل لسفيان) بن عيينة (رواية) أي تروي رواية عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم من اجتهادك (قال فأي شيء)؟ لولا الرواية كنت أقول؟

(قال) ولأبي ذر وابن عساكر وقال: (أبو معاوية) محمد بن خازن الضرير فيما وصله أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن له (عن الأعمش) سليمان (عن أبي صالح) ذكوان السمان أنه قال: (قرأ أبو هريرة قرأت) جمعًا بالألف والتاء لاختلاف أنواعها وهي قراءة الأعمش والقرة

مصدر وحقه أن لا يجمع لأن المصدر اسم جنس والأجناس أبعد شيء عن الجمعية لكن جعلت القرة هنا نوعًا فجاز جمعها كقوله هناك أحزان وحسن لفظ الجمع إضافة القرات إلى لفظ الأعين ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر زيادة أعين.

٤٧٨٠ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ». ثُمَّ قَرَأَ: " {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ".

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر البخاري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن الأعمش) سليمان أنه قال: (حدّثنا أبو صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:

(يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين) في الجنة (ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وفي حديث المغيرة بن شعبة عند مسلم مرفوعًا: قال موسى عليه السلام: يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة الحديث إلى أن قال فأعلاهم منزلة. قال: الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر (ذخرًا) بضم الذال وسكون الخاء المعجمتين كذا في الفرع. وقال: في الصحاح في فصل الذال المعجمة ذخرت الشيء أذخره ذخرًا وكذلك أذخرته وهو افتعلت، وقول الحافظ ابن حجر بضم المهملة وسكون المعجمة سهو أو سبق قلم، وقال الكرماني: وذخرًا منصوب متعلق بأعددت وقال في الفتح أي جعلت ذلك لهم مدخورًا (بله ما أطلعتم عليه) بضم الهمزة وكسر اللام ولأبي الوقت ما أطلعتهم بفتح الهمزة واللام وزيادة هاء بعد التاء وقوله بله بفتح الموحدة وسكون اللام وفتح الهاء وللأربعة من بله بزيادة من الجارة وجر بله بها كذا في الفرع المعتمد المقابل على أصل اليونيني المحرر بحضرة إمام العربية أبي عبد الله بن مالك وكذا رأيته في أصل اليونيني المذكور وحينئذٍ فينظر في قول الصغاني اتفق جميع نسخ الصحيح على من بله والصواب إسقاط كلمة من وقول ابن التين أن بله ضبط مع من بالفتح والكسر هو حكاية ما وجده

<<  <  ج: ص:  >  >>