للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحرم (بمناة) بالموحدة باسمها أو عندها ولأبي ذر لمناة مجرورًا بالفتحة لأنه لا ينصرف وهو باللام لأجلها (الطاغية) بالجر بالكسرة صفة لمناة باعتبار طغيان عبدتها أو مضاف إليها والمعنى أحرم باسم مناة القوم الطاغية (التي بالمشلل) بضم الميم وفتح المعجمة وفتح اللام الأولى مشدّدة أي مناة الكائنة بالمثلل (لا يطوفون بين الصفا والمروة) تعظيمًا لصنمهم مناة حيث لم يكن في المسعى وكان فيه صنمان لغيرهم أساف ونائلة (فأنزل الله تعالى) ردًّا ({إن الصفا والمروة من شعائر الله} فطاف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون}) معه بهما.

(قال سفيان) بن عيينة (مناة) كائن (بالمشلل) موضع (من قديد) بضم القاف مصغرًا من ناحية البحر وهو الجبل الذي يهبط إليها منه، (وقال عبد الرحمن بن خالد) الفهمي بالفاء المصري أميرها لهشام مما وصله الذهلي والطحاوي (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (قال عروة) بن الزبير (قالت عائشة) -رضي الله عنها- (نزلت) آية {إن الصفا} (في الأنصار) الأوس والخزرج (كانوا هم وغسان) قال الجوهري اسم قبيلة (قبل أن يسلموا يهلون) يحرمون (لمناة مثله) أي مثل حديث ابن عيينة.

(وقال معمر) بفتحتين بينهما مهملة ساكنة ابن راشد مما وصله الطبري (عن الزهري عن عروة عن عائشة) أنها قالت (كان رجال من الأنصار ممن كان يهلّ لمناة ومناة صنم) كائن (بين مكة والمدينة) وكان لخزاعة وهذيل وسمي بذلك لأن دم الذبائح كان يمنى عندها أي يذبح (قالوا: يا نبي الله كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيمًا لمناة) حيث لم يكن بينهما (نحوه) أي نحو الحديث السابق.

٧ - باب {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}

هذا (باب) بالتنوين أي في قوله: ({فاسجدوا لله واعبدو} [النجم: ٦٢]) أي واعبدوه دون الآلهة وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.

٤٨٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ. تَابَعَهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ. وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ.

وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) عبد الله بن عمرو المنقري البصري قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: سجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسجد معه المسلمون) لله (والمشركون) لأنها أوّل سجدة نزلت، فأرادوا معارضة المسلمين بالسجود لمعبودهم، وأما قول مَن قال إن ذلك وقع منهم بلا قصد فمعارض بما زاده ابن مسعود من أن الذي استثناه منهم أخذ كفًّا من حصى فوضع جبهته عليه، فإذًا ذلك ظاهر في القصد وكذا قوله إنهم خافوا في ذلك المجلس من مخالفتهم لأن المسلمين حينئذٍ هم الذين كانوا خائفين من المشركين لا العكس، والظاهر أن سبب سجودهم ما أخرجه ابن أبي حاتم والطبري وابن المنذر من طرق عن شعبة عن أبي بشر عن ابن جبير عن ابن عباس قال: قرأ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمكة: والنجم فلما بلغ {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: ١٩] ألقى الشيطان في أمنيته لم تلاوته تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى فقال المشركون ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا فنزلت آية {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى} [الحج: ٥٢] الآية. وقد رُوِي من طرق ضعيفة ومنقطعة لكن كثرة الطرق تدل على أن لها أصلًا مع أن لها طريقين مرسلين رجالهما على شرط الصحيح يحتج بهما من يحتج بالمرسل وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض وحينئذٍ فيتعين تأويل ما ذر وأحسن ما قيل إن الشيطان قال ذلك محاكيًا نغمة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما سكت -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحيث سمعه من دنا إليه فظنها من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأشاعها، ويؤيده تفسير ابن عباس تمنى بتلا، وأما قول الكرماني وما قيل أن ذلك كان سببًا لسجودهم لا صحة له عقلًا ولا نقلًا فهو مبني على القول ببطلان القصة من أصلها وأنها موضوعة وقد سبق ما في ذلك والله الموفق (و) سجد معه (الجن والإنس) ذكر الجن والإنس بعد المسلمون الصادق بهما ليدفع توهم اختصاصه بالإنس.

(تابعه) أي تابع عبد الوارث (ابن طهمان) بفتح المهملة وسكون الهاء ولأبي ذر إبراهيم بن طهمان فيما وصله الإسماعيلي (عن

<<  <  ج: ص:  >  >>