للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمغفور صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يسمى العرفط بعين مهملة وفاء مضمومتين بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة وزاد في الطلاق من طريق حجاج عن ابن جريج فدخل على إحداهما فقالت له: (إني أجد منك ريح مغافير قال) عليه الصلاة والسلام:

(لا) ما أكلت مغافير وكان يكره الرائحة الكريهة (ولكني كنت أشرب عسلًا عند زينب ابنة جحش) ولأبي ذر بنت جحش (فلن أعود له وقد حلفت) على عدم شربه (لا تخبر بذلك أحدًا) وقد اختلف في التي شرب عندها العسل ففي طريق عبيد بن عمير السابقة أنه كان عند زينب وعند المؤلّف من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في الطلاق أنها حفصة بنت عمر ولفظه قالت: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب العسل والحلواء وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس فغرت فسألت عن ذلك فقيل لي أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منها شربة فقلت أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة إنه سيدنو منك فإذا دنا منك فقولي له ما هذه الريح التي أجد منك؟ الحديث، وفيه: وقولي أنت يا صفية ذاك وعند ابن مردويه من طريق ابن أبي مليكة عن ابن

عباس أن شربه كان عند سودة وأن عائشة وحفصة هما اللتان تظاهرتا على وفق ما في رواية عبيد بن عمير وإن اختلفا في صاحبة العسل فيحمل على التعدّد أو رواية ابن عمير أثبت لموافقة ابن عباس لها على أن المتظاهرين حفصة وعائشة، فلو كانت حفصة صاحبة العسل لم تقرن في المظاهرة بعائشة.

وفي كتاب الهبة عن عائشة أن نساء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كنَّ حزبين أنا وسودة وحفصة وصفية في حزب، وزينب بنت جحش وأم سلمة والباقيات في حزب، وهذا يرجح أن زينب هي صاحبة العسل، ولذا غارت عائشة منها لكونها من غير حزبها ويأتي مزيد بحث لفوائد هذا الحديث إن شاء الله تعالى في الطلاق بعون الله.

وحديث الباب أخرجه المؤلّف أيضًا في الطلاق والأيمان والنذور ومسلم في الطلاق وأبو داود في الأشربة والنسائي في الأيمان والنذور وعشرة النساء والطلاق والتفسير.

٢ - باب قَوْلِهِ: {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ}

هذا (باب) بالتنوين أي في (قوله) جل وعلا: ({تبتغي مرضاة أزواجك}) أي رضاهن ({قد فرض الله لكم}) أي شرع لكم ({تحلة أيمانكم}) تحليلها بالكفارة وقد كفر عليه الصلاة والسلام قال مقاتل أعتق رقبة في تحريم مارية وقال الحسن لم يكفر لأنه مغفور له ({والله مولاكم}) متولي أمركم ({وهو العليم}) بما يصلحكم ({الحكيم}) [التحريم: ٢] المتقن في أفعاله وأحكامه وسقط لغير أبي ذر لفظ باب وقوله {والله مولاكم} الخ.

٤٩١٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يُحَدِّثُ أَنَّهُ قَالَ: مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، قَالَ فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَقَالَ: تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ بِهِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِي لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: مَالَكِ وَلِمَا هَا هُنَا، فِيمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ فَقَالَتْ لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى

حَفْصَةَ، فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ؟ فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ. فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. يَا بُنَيَّةُ لَا يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهَا يُرِيدُ عَائِشَةَ قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا، فَكَلَّمْتُهَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِي أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَزْوَاجِهِ فَأَخَذَتْنِي وَاللَّهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ. فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالْخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَدُقُّ الْبَابَ فَقَالَ: افْتَحِ افْتَحْ فَقُلْتُ جَاءَ الْغَسَّانِيُّ فَقَالَ: بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَزْوَاجَهُ فَقُلْتُ رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ فَأَخَذْتُ ثَوْبِيَ فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ، وَغُلَامٌ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ فَقُلْتُ لَهُ: قُلْ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَذِنَ لِي قَالَ عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ»؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ».

وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى بن عمرو الأويسي القرشي العامري المدني الأعرج قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) المدني (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (عن عبيد بن حنين) بضم العين والحاء مصغرين مولى زيد بن الخطاب (أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يحدث أنه قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له) أي لأجل الهيبة الحاصلة له (حتى خرج حاجًّا فخرجت معه فلما رجعت) ولأبي ذر رجعنا (وكنا ببعض الطريق) وهو مرّ الظهران (عدل) عن الطريق المسلوكة الجادة منتهيًا (إلى) شجر (الأراك لحاجة له) كناية عن التبرّز (قال فوقفت له حتى فرغ) من حاجته (ثم سرت معه فقلت له يا أمير المؤمنين مَن اللتان تظاهرتا) أي تعاونتا (على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أزواجه) لإفراط غيرتهما حتى حرم على نفسه ما حرم (فقال: تلك حفصة وعائشة قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هية لك. قال: فلا تفعل ما ظننت أن عندي من علم فاسألني) عنه (فإن كان لي علم خبرتك به) بتشديد الموحدة من خبرتك (قال: ثم قال عمر: والله إن كنا في الجاهلية ما نعدّ للنساء أمرًا) أي شأنًا بحيث يدخلن المثورة

<<  <  ج: ص:  >  >>