للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأرض التي فيها قبورهم ومعناه أئنا لمردودون ونحن في الحافرة.

(وقال غيره) غير ابن عباس ({أيان مرساها}) [النازعات: ٤٢] أي (متى منتهاها) ومستقرها (ومرسى السفينة) بضم الميم (حيث تنتهي) والضمير في مرساها للساعدة وقوله تعالى: {فيما أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها} [النازعات: ٤٣] أي ليس علمها إليك ولا إلى أحد بل مردّها إلى الله تعالى فهو الذي يعلم وقتها على التعيين.

[١ - باب]

٤٩٣٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ: هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ، «بُعِثْتُ وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» {الطَّامَّةُ}: تَطُمُّ عَلَى كُلِّ شَيءٍ.

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن المقدام) بكسر الميم وسكون القاف قال: (حدّثنا الفضيل بن سليمان) بضم الفاء والسين مصغرين النميري بالتصغير البصري قال: (حدّثنا أبو حازم) بحاء مهملة فزاي معجمة سلمة قال: (حدّثنا سهل بن سعد) الساعدي (رضي الله عنه قال):

(رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال بإصبعيه) بالتثنية أي ضم بينهما (هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام) وهي المسبحة وأطلق القول وأراد به الفعل (بعثت) بضم الباء الموحدة مبنيًّا للمفعول أي أرسلت (والساعة) يوم القيامة (كهاتين) الإصبعين والساعة نصب مفعول معه ويجوز الرفع عطفًا على ضمير الرفع المتصل مع عدم الفاصل وهو قليل وفي رواية أبي ضمرة عن أبي حازم عند ابن جرير وضم بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام وقال ما مثلي ومثل الساعة إلاّ كفرسي رهان.

قال القاضي عياض: وقد حاول بعضهم في تأويله إن نسبة ما بين الإصبعين كنسبة ما بقي من الدنيا إلى ما مضى وإن جملتها سبعة آلاف سنة واستند إلى أخبار لا تصح وذكر ما أخرجه أبو

داود في تأخير مدة الأمة نصف يوم وفسره بخمسمائة سنة فيؤخذ من ذلك أن الذي بقي نصف سبع وهو قريب مما بين السبابة والوسطى في الطول. قال: وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومجاوزة هذا المقدار فلو كان ذلك ثابتًا لم يقع خلافه انتهى. فالصواب الإعراض عن ذلك وتأتي إن شاء الله تعالى بعونه ومنه بقية مبحث ذلك في الرقاق.

({الطامة}) [النازعات: ٣٤] (تطم على كل شيء) بكسر الطاء في المستقبل عند أبي ذر.

[٨٠] سورة عَبَسَ

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). {عَبَسَ}: كَلَحَ وَأَعْرَضَ. وَقَالَ غَيْرُهُ. {مُطَهَّرَةٍ}: لَا يَمَسُّهَا إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}: جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً لأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ، فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا. {سَفَرَةٍ}: الْمَلَائِكَةُ، وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ، سَفَرْتُ أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَجُعِلَتِ الْمَلَائِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْيِ اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَقَالَ غَيْرُهُ تَصَدَّى: تَغَافَلَ عَنْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ {لَمَّا يَقْضِ}: لَا يَقْضِ أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {تَرْهَقُهَا}: تَغْشَاهَا شِدَّةٌ. {مُسْفِرَةٌ}: مُشْرِقَةٌ. {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ. {أَسْفَارًا}: كُتُبًا. {تَلَهَّى}: تَشَاغَلَ. يُقَالُ وَاحِدُ الأَسْفَارِ سِفْرٌ.

([٨٠] سورة عَبَسَ)

مكية وآيها إحدى وأربعون.

(بسم الله الرحمن الرحيم). سقطت البسملة لغير أبي ذر.

({عبس}) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزاد أبو ذر وتولى (كلح) بفتحتين قال في الصحاح: الكلوح تكشر في عبوس وقد كلح الرجل كلوحًا وكلاحًا (وأعرض) هو تفسير وتولى أي أعرض بوجهه الكريم لأجل أن جاءه الأعمى عبد الله بن أم مكتوم وعنده صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام فقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله وكرر ذلك ولم يعلم أنه مشغول بذلك، فكره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطعه لكرمه وعبس وأعرض عنه فعوتب في ذلك بما نزل عليه في هذه السورة فكان بعد ذلك يقول له إذا جاء: مرحبًا بمن عاتبني الله فيه ويبسط له رداءه (وقال غيره): سقط هذا لأبي ذر وهو الصواب كما لا يخفى.

({مطهرة}) من قوله: {في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة} [عبس: ١٣ - ١٤] (لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة وهذا مثل قوله) عز وجل: ({فالمدبرات أمرًا}) [النازعات: ٥] قال الكرماني: لأن التدبير لمحمول خيول الغزاة فوصف الحامل يعني الخيول به فقيل فالمدبرات (جعل الملائكة والصحف مطهرة) بفتح الهاء المشدّدة (لأن الصحف يقع عليها التطهير فجعل التطهير لمن حملها أيضًا) بضم جيم جعل مبنيًّا للمفعول وهذا قاله الفراء. وقيل: مطهرة منزهة عن أيدي الشياطين.

({سفرة}) [عبس: ١٥] بالخفض ولأبي ذر بالرفع والأول موافق للتنزيل (الملائكة وأحدهم سافر سفرت) أي بين القوم (أصلحت بينهم وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله وتأديته) إلى أنبيائه (كالسفير الذي يصلح بين القوم) ومنه قوله:

فما أدع السفارة بين قومي ... ولا أمشي بغش إن مشيت

وقيل: السفرة جمع سافر وهو الكاتب ومثله كاتب وكتبة، ولأبي ذر وتأديبه بالموحدة بعد التحتية

<<  <  ج: ص:  >  >>