للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجود من غيره فقوله تعالى أحد دليل على إثبات ذاته المقدسة المنزهة والصمدية تقتضي نفي الحاجة عنه واحتياج غيره إليه ولم يلد إلى آخر السورة سلب ما يوصف به غيره عنه ولا طريق في معرفته تعالى أوضح من سلب صفات المخلوقات عنه.

ولما اشتملت هذه السورة مع قصرها على جميع المعارف الإلهية والرد على مَن ألحد فيها جاء أنها تعدل ثلث القرآن كما سيأتي ذلك قريبًا إن شاء الله تعالى في كتاب فضائل القرآن، وهل يحمل ذلك على الأجزاء أو على غيرها فذهب الفقهاء والمفسرون إلى أن لقارئها من الثواب ثلث ما لقارئ جملته وليس في الجواب أكثر من أن الله يهب ما يشاء لمن يشاء، وأجاب المتكلفون بجواب يمكن إرادته قالوا: القرآن ثلاثة أقسام: قسم فيما يجوز أن يوصف به وما لا يجوز، وقسم من أمر الدنيا، وقسم من أمر الآخرة ولم تتضمن سورة الإخلاص غير القسم الواحد فصارت تعدل ثلثه ولهذا سميت سورة الإخلاص لأنها خلصت في صفاته خاصة، ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في محله قريبًا بعون الله وقوته وسقط قوله: كفوًّا وكفيئًا الخ لغير أبي ذر.

[١١٣] سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). وَقَالَ مُجَاهِدٌ {الفَلَقُ}: الصُّبْحُ. {غَاسِقٍ}: اللَّيْلُ. {إِذَا وَقَبَ}: غُرُوبُ الشَّمْسِ. يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ. {وَقَبَ}: إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ.

([١١٣] سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ})

مكية أو مدنية وآيها خمس.

(بسم الله الرحمن الرحيم). ثبت لفظ سورة والبسملة لأبي ذر.

(وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي ({الفلق}: الصبح) لأن الليل يفلق عنه ويفرق فعل بمعنى مفعول أي مفلوق وتخصيصه لما فيه من تغير الحال وتبدّل وحشة الليل بسرور النور وقيل هو كل ما يفلقه الله كالأرض عن النبات والسحاب عن المطر والأرحام عن الأولاد، وثبت قوله الفلق الصبح لأبي ذر وسقط لغيره.

({وغاسق}) بالرفع وبالجر وهو الموافق للتنزيل (الليل) أي العظيم ظلامه.

({إذا وقب}) أي (غروب الشمس يقال: أبين من فرق وفلق الصبح) الأول بالراء والثاني باللام.

({وقب}: إذا دخل في كل شيء وأظلم) بغروب الشمس، وقيل المراد القمر فإنه يكسف فيغسق ووقوبه دخوله في الكسوف. وفي حديث عائشة عند الترمذي والحاكم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ بيدها فأراها القمر حين طلع وقال: تعوّذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب.

قال في شرح المشكاة لما سحر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، استشفى بالمعوّذتين لأنهما من الجوامع في هذا الباب فتأمل في أولاهما كيف خص وصف المستعاذ به برب الفلق أي بفالق الإصباح لأن هذا الوقت وقت فيضان الأنوار ونزول الخيرات والبركات وخص المستعاذ منه بما خلق فابتدأ بالعام في قوله: {من شر ما خلق} أي من شر خلقه ثم ثنى بالعطف عليه ما هو شره أخفى وهو نقيض انفلاق الصبح من دخول الظلام واعتكاره المعني بقوله: {ومن شر غاسق إذا وقب} [الفلق: ٣] لأن انبثاث الشر فيه أكثر والتحرز منه أصعب ومنه قولهم الليل أخفى للويل.

٤٩٧٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ وَعَبْدَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "قِيلَ لِي" فَقُلْتُ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [الحديث ٤٩٧٦ - طرفه في: ٤٩٣٧].

وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) البغلاني الثقفي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عاصم) هو ابن أبي النجود بفتح النون وبالجيم المضمومة آخره دال مهملة أحد القراء السبعة (وعبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن أبي لبابة بضم اللام وتخفيف الموحدة الأسدي كلاهما (عن زر بن حبيش) بكسر الزاي وتشديد الراء وحبيش بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة آخره معجمة مصغرًا وسقط ابن حبيش لأبي ذر أنه (قال: سألت أبيّ بن كعب عن المعوّذتين) بكسر الواو المشددة وعند ابن حبان وأحمد من طريق حماد بن سلمة بن عاصم قلت لأُبيّ بن كعب إن ابن مسعود لا يكتب المعوّذتين في مصحفه (فقال) أُبيّ (سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عنهما (فقال): ولأبي ذر قال (قيل لي) بلسان جبريل (فقلت) قال أبي (فنحن نقول كما قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

وعند الحافظ أبي يعلى عن علقمة قال: كان عبد الله يحك المعوّذتين من المصحف ويقول: إنما أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يتعوّذ بهما ولم يكن عبد الله يقرأ بهما، ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن يزيد وزاد ويقول: إنهما ليستا من كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>