للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على سماع ابن أبي مليكة من عقبة نفسه (لكني لحديث عبيد أحفظ قال) عقبة بن الحارث: (تزوجت امرأة) هي أم يحيى بنت أبي إهاب (فجاءتنا امرأة سوداء) أي تسم (فقالت) لنا: قد (أرضعتكما) قال عقبة (فأتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت): يا رسول الله (تزوجت فلانة بنت فلان فجاءتنا امرأة) وفي بعض الطرق أمة (سوداء فقالت لي: إني قد) ولأبي ذر لقد (أرضعتكما وهي كاذبة) في قولها (فأعرض عنه) من باب الالتفات ولأبي ذر عن الكشميهني عني (فأتيته من قبل وجهه) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهة وجهه (قلت: إنها كاذبة. قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(كيف) تصنع (بها) أي بالتي تزوجتها أو أي فعل تفعل بها (وقد زعمت) أي المرأة السوداء (أنها قد أرضعتكما دعها) اتركها (عنك) أي على سبيل الاحتياط والورع لا الحكم بثبوت الرضاع وفساد النكاح بمجرد قول المرضعة إذ لم يجر بحضرته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترافع وإداء شهادة بل كان ذلك مجرد إخبار واستفتاء ثم لو شهدت المرضعة عند حاكم قبلت، ولو قالت: أرضعته لأنها لم تجر بشهادتها نفعًا ولم تدفع بها ضررًا بخلاف شهادتها بولادتها لجرها نفع النفقة والإرث وغيرهما ولا نظر إلى ما

يتعلق بشهادتها من ثبوت الحرمة وحل الخلوة فإن الشهادة لا ترد بمثل ذلك بدليل قبول شهادة الطلاق، وإن استفيد بها حل المناكحة وليس المراد قبول شهادتها وحدها بل لا تقبل عند الشافعي إلا مع ثلاث نسوة أخرى وأن لا تكون طالبة أجرة على الرضاع فإن طلبتها فلا تقبل لاتهامها بذلك واستدلّ به الشافعية على أنه لو شهدت واحدة أو أكثر ولم يتم النصاب بالرضاع فالورع للرجل أن يجتنبها بأن لا ينكحها إن لم ينكحها ويطلقها إن نكحها لتحلّ لغيره ويكره له المقام معها وتقبل في الرضاع شهادة أم الزوجة وبنتها مع غيرهما حسبة بلا تقدّم دعوى، وإن احتمل كون الزوجة مدّعية لأن الرضاع تقبل فيه شهادة الحسبة.

قال علي بن عبد الله المديني: (وأشار إسماعيل) ابن علية (بأصبعيه السبابة والوسطى يحكي) إشارة (أيوب) السختياني حيث يحكي فعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث أشار بيده وقال بلسانه: دعها عنك فحكى ذلك كل راوٍ لمن دونه.

وسبق الحديث في كتاب العلم في باب الرحلة وفي باب شهادة: الإماء والعبيد في كتاب الشهادات.

٢٤ - باب مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى:

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} إِلَى آخِرِ الآيَةَ، وَقَالَ أَنَسٌ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} ذَوَاتُ الأَزْوَاجِ الْحَرَائِرُ حَرَامٌ {إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ. وَقَالَ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ فَهْوَ حَرَامٌ كَأُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ

(باب ما يحل من النساء وما يحرم) منهن (وقوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم}) أي نكاح أمهاتكم فهو من مجاز الحذف الذي دل العقل على حذفه ({وبَناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت}) [النساء: ٢٣] (إلى آخر الآية) وساق في رواية كريمة إلى قوله: {وأخواتكم} وقال: الآيتين إلى قوله: {إن الله كان عليمًا حكيمًا} والأمهات كل أنثى ولدتك أو ولدت من ولدك ذكرًا كان أو أنثى بواسطة أو بغيرها، والبنات كل أنثى ولدتها أو ولدت من ولدها ذكرًا كان أو أنثى بواسطة أو بغيرها، والأخوات كل أنثى ولدها أبواك أو أحدهما والعمات كل أخت ذكر ولدك بواسطة وبغيرها. والخالات كل أخت أنثى ولدتك بواسطة أو بغيرها فأخت أبي الأم عمة لأنها أخت ذكر ولدك بواسطة، وأخت أم الأب خالة لأنها أخت أنثى ولدتك بواسطة، وبنات الأخ وبنات الأخت وإن بعدن لا من دخلت في اسم ولد العمومة والخؤولة فلا تحرم.

(وقال أنس) أي ابن مالك مما وصله إسماعيل القاضي في كتابه أحكام القرآن بإسناد صحيح من طريق سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس بن مالك أنه قال: في قوله تعالى: ({والمحصنات من النساء}) أي (ذوات الأزواج) لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج (الحرائر حرام) نكاحهن إلا بعد طلاق أزواجهن وانقضاء عدتهن ({إلا ما ملكت أيمانكم}) [النساء: ٢٤] (لا يرى بأسًا) حرجًا (أن ينزع) وفي نسخة أن يزوج (الرجل جاريته) وللكشميهني جارية (من) تحت (عبده) فيطأها والأكثرون على أن المراد بما ملكت أيمانهم اللاتي سبين ولهن أزواج في دار الكفر فهن حلال لغزاة المسلمين وإن كن محصنات.

(وقال) الله تعالى: ({ولا تنكحوا المشركات})

<<  <  ج: ص:  >  >>