للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلم أرجع إليك شيئًا) بكسر الجيم أي لم أعد عليك جوابًا (قال عمر: قلت: نعم، قال أبو بكر: فإنه لم يمنعي أن أرجع إليك فيما عرضت عليّ إلا أني كنت علمت أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد ذكرها فلم أكن لأفشي سرّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولو تركها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبلتها) فيه كتمان السر فإن أفشاه صاحبه ساغ للذي أسرّ إليه إظهاره فلو حلف لا يفشي سرّ فلان فأفشى فلان سرّ نفسه ثم تحدّث به الحالف لا يحنث لأن صاحب السرّ هو الذي أفشاه.

وهذا الحديث قد سبق في المغازي.

٥١٢٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ».

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك) بكسر العين المهملة (أن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت (أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة) رملة بنت أبي سفيان (قالت لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنا قد تحدّثنا أنك ناكح) أي تريد أن تنكح (درّة بنت أبي سلمة فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(أعلى أم سلمة)؟ أتزوجها استفهام إنكاري (لو لم أنكح) أمها (أم سلمة ما حلّت لي إن أباها) أبا سلمة (أخي من الرضاعة).

فإن قلت ما وجه المطابقة بين هذا الحديث والترجمة؟ أجيب بأنه طرف من الحديث السابق في باب: وأن تجمعوا بين الأختين، وفيه قالت أم حبيبة: يا رسول الله انكح أختي فعرضت أختها عليه.

٣٤ - باب قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ} الآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ حَلِيمٌ} {أَكْنَنْتُمْ}: أَضْمَرْتُمْ وَكُلُّ شَيْءٍ صُنْتَهُ فَهْوَ مَكْنُونٌ

(باب قول الله عز وجل: {ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النساء}) أي في عدّة رجعية ({أو أكننتم في أنفسكم علم الله} الآية إلى قوله: {غفور حليم}) [البقرة: ٢٣٥] وسقط قوله: أو أكننتم إلى آخره لأبي ذر: ({أكننتم}): أي ({أضمرتم}) ولأبي ذر أو أكننتم وسترتم (في أنفسكم) في قلوبكم فلم تذكروه بألسنتكم لا معرضين ولا مصرحين، (وكل شيء صنته وأضمرته فهو مكنون) قاله أبو عبيدة، وثبت لأبي ذر وأضمرته.

٥١٢٤ - وَقَالَ لِي طَلْقٌ بْنُ غَنَّامٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} يَقُولُ: إِنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ. وَقَالَ الْقَاسِمُ: يَقُولُ إِنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا، أَوْ نَحْوَ هَذَا، وَقَالَ عَطَاءٌ: يُعَرِّضُ وَلَا يَبُوحُ، يَقُولُ: إِنَّ لِي حَاجَةً، وَأَبْشِرِي، وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ نَافِقَةٌ، وَتَقُولُ هِيَ: قَدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ وَلَا تَعِدُ شَيْئًا، وَلَا يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا، وَإِنْ وَاعَدَتْ رَجُلًا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} الزِّنَا. وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {الْكِتَابُ أَجَلَهُ} تَنْقَضِي الْعِدَّةُ.

قال المؤلّف: (وقال لي طلق) بفتح الطاء المهملة وسكون اللام بعدها قاف ابن غنام بالمعجمة وتشديد النون النخعي الكوفي أحد مشايخ المؤلّف (حدّثنا زائدة) بن قدامة (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) هو ابن جبر (عن ابن عباس) أنه قال في تفسير قوله تعالى: ({فيما عرّضتم به من خطبة النساء} يقول: إني أريد التزويج ولوددت: أنه تيسر ليس امرأة صالحة) بفتح الفوقية والتحتية والسين المهملة المشددة في الفرع كأصله، ولأبي ذر عن الكشميهني: يسر بضم الياء التحتية وكسر السين مبنيًّا للمفعول.

(وقال القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- فيما وصله مالك وابن أبي شيبة (يقول) في التعريض: (إنك عليّ كريمة وإني فيك لراغب) وهذا يدل على أن التصريح بالرغبة فيها سائغ وأنه لا يكون تصريحًا حتى يصرح بمتعلق الرغبة كان يقول إني في نكاحك لراغب (و) من التعريض أيضًا قوله (إن الله لسائق إليك خيرًا أو نحو هذا) من ألفاظ التعريض

كإذا حللت فآذنيني ومن يجد مثلك. وفي حديث مسلم أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لفاطمة بنت قيس: (إذا حللت فآذنيني).

(وقال عطاء): هو ابن أبي رباح فيما وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه مفرّقًا (يعرّض) بالخطبة (ولا يبوح) أي ولا يصرح (يقول: إن لي حاجة وأبشري) بقطع الهمزة (وأنت بحمد الله نافقة). والحكمة في ذلك أنه إذا صرح تحققت رغبته فيها فربما تكذب في انقضاء العدّة ويحرم التصريح بها لمعتدّة من غيره رجعية كانت أو بائنًا بطلاق أو فسخ أو موت أو معتدّة عن شبهة لمفهوم هذه الآية والإجماع والرجعية في معنى المنكوحة والتصريح ما يقطع بالرغبة في النكاح كإذا انقضت عدّتك نكحتك (وتقول هي) في التعريض (عد أسمع ما تقول ولا تعد شيئًا) بكسر العين وتخفيف الدال المهملتين أي لا تعده بالعقد وأنها لا تتزوّج غيره مثلًا (ولا يواعد) أي الرجل (وليها) بالرفع فاعلًا (بغير علمها) كذا في الفرع وفي اليونينية ولا يواعد بالجزم على النهي وليها بالنصب على المفعولية (وإن واعدت) أي المرأة (رجلًا في عدّتها ثم نكحها) تزوجها (بعد) أي بعد انقضاء عدتها (لم يفرق

<<  <  ج: ص:  >  >>