للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنير.

(فذهب فطلب ثم جاء فقال: ما وجدت شيئًا ولا خاتمًا من حديد) زاد في رواية أبي غسان هنا فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدعاه أو دعي له (فقال) عليه الصلاة والسلام له ولأبي ذر قال: (هل معك من القرآن شيء)؟ تحفظه عن ظهر قلب (قال: معي سورة كذا وسورة كذا) وفي حديث أبي هريرة أنه قال سورة البقرة أو التي تليها كذا أو في رواية أبي داود والنسائي وفي حديث ابن مسعود سورة البقرة وسورة المفصل (قال: اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن).

وفي حديث ابن عباس عند أبي عمر بن حيويه في فوائده قال: هل تقرأ من القرآن شيئًا؟ قال: نعم "إنّا أعطيناك الكوثر". قال: أصدقها إياها، والظاهر أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظه الآخر أو القصة متعددة، وفي حديث ابن مسعود قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها وإذا رزقك الله عوّضتها فتزوجها الرجل على ذلك.

وفيه أن كل عمل يستأجر عليه كتعليم قرآن وخياطة وخدمة يجوز جعله صداقًا فإن أصدقها تعليم سور من القرآن أو جزء منه بنفسه اشترط تعيينه واشترط علم الزوج والولي بالمشروط تعليمه بأن يعلما عينه وسهولته أو صعوبته وإلا وكّلا أو أحدهما من يعلمه ولا يشترط تعيين الحرف الذي يعلمه لها كقراءة نافع أو أبي عمرو مثلًا فيعلمها ما شاء فإن عينه كل منهما كحرف نافع تعين

عملًا بالشرط فلو خالف وعلمها حرف أبي عمرو فمتطوع به ويلزمه تعليم الحرف المعين عملًا بالشرط فلو لم يحسن الزوج التعليم لما شرط تعليمه لم يجز إصداقه إلا في الذمة لعجزه في الأول دون الثاني فيأمر فيه غيره بتعليمها أو يتعلم ثم يعلمها وإذ تعذر التعليم لبلادة نادرة أو ماتت أو مات والشرط أن يعلم بنفسه وجب مهر المثل فإن طلقها بعد أن علمها وقبل الدخول رجع عليها بنصف الأجرة.

وقال الحنفية: الباء في قوله بما معك من القرآن للسببية والمعنى كما وهبت نفسها منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهبت صداقها لذلك الرجل.

وقال ابن المنير: لما تحقق -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عجز الرجل سأله هل معك من القرآن من شيء لأن القرآن هو الغنى الأكبر فلما ثبت له حظ منه ثبت له حظ من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فزوجه وليس في الحديث إسقاط الصداق فلعله زوجه إياها بصداق وجدت مظنته وإن لم توجد حقيقته وإذا وجدت مظنته أو شك أن يحصل بفضل الله وإنما استفسره عن جهده نصحًا للمرأة فلما أخبره أنه يحفظ شيئًا من القرآن علم أن الله لا يضيعهما قال: ولو فرضنا امرأة فوّضت أمرها في التزويج لرجل فخطبها منه من لا مال له ولكنه حامل للقرآن فزوجها منه ثقة بوعد الله لحامل كتابه بالغنى واقتداء بهذا الحديث لكان جديرًا بالصواب، ويجعل الصداق في ذمته ويكون تفويضًا ولا معنى للتفويض إلا ما وقع في الحديث انتهى.

٥١ - باب الْمَهْرِ بِالْعُرُوضِ وَخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ

(باب المهر بالعروض) بضم العين والراء جمع عرض بفتح ثم سكون وهو ما يقابل النقد (وخاتم من حديد) من عطف الخاص على العام.

٥١٥٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: لِرَجُلٍ: «تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى) هو ابن موسى البلخي المعروف بخت كما صرح به ابن السكن قال: (حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح (عن سفيان) الثوري (عن أبي حازم) سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) الساعدي -رضي الله عنه- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لرجل) من الأنصار قال له: يا رسول الله زوّجني تلك المرأة الواهبة نفسها (تزوج ولو بخاتم من حديد).

وهذا الحديث ساقه مختصرًا من رواية الثوري وأخرجه ابن ماجة من روايته أيضًا أتم منه، وللإسماعيلي أتم من ابن ماجة والطبراني مقرونًا برواية معمر وفيه فصمت بدل قوله في رواية الباب السابق فلم يجبها شيئًا، وفيه عند الطبراني فصمت ثم عرضت نفسها عليه فصمت فلقد رأيتها قائمة مليًّا تعرض نفسها عليه وهو صامت فقام رجل أحسبه من الأنصار وعند الإسماعيلي أعندك شيء؟ قال: لا. قال: إنه لا يصلح وفيه غير ذلك مما يطول ذكره.

٥٢ - باب الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ

وَقَالَ عُمَرُ: مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ، قَالَ: «حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي».

(باب الشروط) التي تحل (في النكاح. وقال عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه-:

<<  <  ج: ص:  >  >>