للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها ولا إظهار شخوصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه ضرورة من براز، ثم استدلّ بما في الموطأ أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها، وتعقبه في الفتح فقال: ليس فيما ذكره دليل على ما ادّعاه من فرض ذلك عليهن وقد كنّ يحججن ويطفن ويخرجن إلى المساجد في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبعده وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الأبدان لا الأشخاص.

وهذا الحديث قد مرّ في سورة الأحزاب من التفسير.

١١٦ - باب اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ

(باب استئدان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره) من الضرورات الشرعية.

٥٢٣٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سالم عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:

(إذا استأذنت امرأة أحدكم) في الخروج (إلى المسجد) فحرف الجر متعلق بمقدّر وهو الخروح وعليه المعنى لأن استأذن يتعدى بفي وخرج يتعدى بإلى أو أن إلى بمعنى في أي: استأذنت في المسجد كقوله:

فلا تتركني بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطليّ به القار أجرب

وهذا لا يراه سيبويه أو إلى بمعنى اللام التي للعلة أي لأجل المسجد كقوله تعالى: {فاستأذنوك للخروج} [التوبة: ٨٣] (فلا يمنعها) بالجزم بلا الناهية والفاء جواب إذا والرفع على أنها نافية والمعنى على المنهي، والخبر بمعنى الأمر أو النهي أبلغ من لفظهما لأنه بمنزلة المحكوم عليه بذلك مبالغة في الامتثال المقصود كأنه لشدة المبادرة وقع وذلك دليل تأكده؛ ووقع عند المؤلّف في باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس في الصلاة من طريق حنظلة عن سالم إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المساجد فأذنوا لهن ولم يذكر أكثر الرواة عن حنظلة قوله بالليل، واختلف فيه عن الزهري فأورده المصنف من رواية معمر عن الزهري في باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد من أواخر الصلاة وأحمد من رواية عقيل والسراج من رواية الأوزاعي كلهم عن الزهري عن سالم بغير تقييد، وفي صحيح أبي عوانة عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن عيينة مثله لكنه قال في آخره: يعني بالليل كأن اختصاص الليل بذلك لكونه أستر، وقد ترجم المؤلّف بالخروج إلى المسجد وغيره واقتصر على حديث المسجد، وأجاب الكرماني بأنه قاسه عليه والجامع بينهما ظاهر ويشترط في الجميع أمن المفسدة منهن وعليهن واستدلّ به كما قال النووي على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن، وتعقبه ابن دقيق العيد بأنه إذا أخذ من المفهوم فهو مفهوم لقب وهو ضعيف، لكن يتقوى بأن يقال إن منع الرجال نساءهم أمر مقرر.

١١٧ - باب مَا يَحِلُّ مِنَ الدُّخُولِ وَالنَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ فِي الرَّضَاعِ

(باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في) وجود (الرضاع) بين الرجل الداخل والمرأة المدخول عليها.

٥٢٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّهُ عَمُّكِ، فَأْذَنِي لَهُ». قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ قَالَتْ عَائِشَةُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام الأعظم (عن هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنه قالت: جاء عمي من الرضاعة) وهو أفلح أخو أبي القعيس (فاستأذن) أن يدخل (عليّ) حجرتي (فأبيت) أي فامتنعت (أن آذن له حتى أسأل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فجاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسألته عن ذلك فقال):

(إنه عمك) من الرضاعة وعم الرضاع كعم النسب (فأذني له. قالت: فقلت يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل) فكيف تنتشر الحرمة إلى الرجل (قالت: فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنه عمك) فألحق الرضاع بالنسب لأن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معًا فوجب أن يكون الرضاع منهما (فليلج) بالجيم فليدخل (عليك. قالت عائشة) -رضي الله عنها-: (وذلك بعد أن ضرب) بضم

<<  <  ج: ص:  >  >>