للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيها انقطاع يكون بيعها طلاقًا، وكذا قال سعيد بن المسيب والحسن ومجاهد فيما روي بأسانيد صحيحة، وأخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح عن ابن عباس واحتجوا لذلك بظاهر قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} [النساء: ٢٤] واحتج بحديث الباب ومن حيث النظر أنه عقد على منفعة فلا يبطله بيع الرقبة كما في العين المؤجرة والآية نزلت في المسبيات فهي المراد بملك اليمين على ما ثبت في الصحيح من سبب نزولها.

(و) الثانية من السنن (قال) فيها (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما أرادت عائشة أن تثشريها، فقال أهلها: ويكون ولاؤها لنا: (الولاء لمن أعتق) وفي رواية إنما الولاء لمن أعتق بصيغة الحصر.

(و) الثالثة من السنن (دخل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حجرة عائشة -رضي الله عنها- (والبرمة تفور) بالفاء (بلحم فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت) بضم القاف مبنيًّا للمفعول وخبز مفعول ناب عن الفاعل وأدم بضم الهمزة وسكون المهملة عطف عليه (فقال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ألم أرَ البرمة) ولابن عساكر برمة (فيها لحم؟ قالوا: بلى ولكن ذاك لحم تصدّق به على بريرة) بضم التاء الفوقية والصاد (وأنت لا تأكل الصدقة قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هو عليها صدقة ولنا هدية) أي حيث أهدته بريرة لنا لأن الصدقة يسوغ للفقير التصرف فيها بالبيع وغيره كتصرف سائر الملاك في أملاكهم ومفهومه أن التحريم إنما هو على الصفة لا على العين.

١٥ - باب خِيَارِ الأَمَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ

(باب خيار الأمة) إذا عتقت وهي (تحت العبد) أو المبعض قبل الدخول أو بعده ومفهومه أن الأمة إذا كانت تحت حر فعتقت لم يكن لها خيار.

وهذا مذهب الشافعية، والمالكية، والجمهور لتضررها بالمقام تحته من جهة أنها تتعيّر به لأن العبد غير مكافئ للحرة في أكثر الأحكام فإذا عتقت ثبت لها الخيار من البقاء في عصمته أو المفارقة لأنها في وقت العقد عليها لم تكن من أهل الاختيار وأجيب بأن الكفاءة إنما تعتبر في الابتداء لا في البقاء. وقال الحنفية: يثبت لها الخيار إذا عتقت سواء كانت تحت حر أم عبد لأنها عند التزويج لم يكن لها رأي لاتفاقهم على أن لمولاها أن يزوّجها بغير رضاها، فإذا عتقت تجدّد لها حال لم يكن قبل ذلك. وأجيب: بأن ذلك لو كان مؤثرًا لثبت الخيار للبكر إذا زوّجها أبوها ثم بلغت رشيدة وليس كذلك، فكذلك الأمة تحت الحر فإنه لم يحدث لها بالعتق حال ترتفع به عن الحرّ ومنشأ الخلاف الاختلاف في ترجيح إحدى الروايتين المتعارضتين في زوج بريرة هل كان حين أعتقت حرًّا أو عبدًا، وفي ترجيح المعنى المعلل به، ففي حديث الباب وغيره من الصحيحين من حديث ابن عباس أنه كان عبدًا ولم تختلف الروايات عنه وتمسك الحنفية بحديث عائشة المروي في الصحيحين والسُّنن الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح.

قال الشيخ كمال الدين بن الهمام: والترجيح يقتضي في حديث عائشة ترجيج أنه كان حرًّا وذلك أن رواة هذا الحديث عن عائشة ثلاثة الأسود وعروة والقاسم، فأما الأسود فلم يختلف فيه عن عائشة أنه كان حرًّا وأما عروة فعنه روايتان صحيحتان إحداهما أنه كان حرًّا والأخرى بالشك ووجه آخر من الترجيح مطلق لا يختص بالمروي فيه عن عائشة وهو أن رواية خيرها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكان زوجها عبدًا، يحتمل كون الواو فيه للعطف لا للحال، وحاصله أنه إخبار بالأمرين وكونه اتّصف بالرق لا يستلزم كون ذلك كان حال عتقها، هذا بعد احتمال أن يراد العبد العتيق مجازًا باعتبار ما كان وهو شائع في العرف، والذي لا مردّ له من الترجيح أن رواية كان حرًّا أنص من كان عبدًا وثبت زيادة فهي أولى وأيضًا فهي مثبتة وتلك كانت نافية للعلم بأنه كان حالته الأصلية الرقّ والنافي هو المبقيها والمثبت هو المخرج عنها انتهى.

وحديث الأسود كما في الفتح اختلف فيه على راويه هل هو من قول الأسود أو رواه عن عائشة أو هو قول غيره قال إبراهيم بن أبي طالب أحد حفّاظ الحديث وهو من أقران مسلم فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>