للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فطلقها ثلاثًا) ظنًّا منه أن اللعان لا يحرمها عليه فأراد تحريمها بالطلاق فقال: هي طالق ثلاثًا (قبل أن يأمره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بطلاقها.

(قال ابن شهاب) بالسند المذكور (فكانت) أي الفرقة بينهما (سنة المتلاعين) فلا يجتمعان بعد الملاعنة أبدًا فيحرم عليه بمجرد اللعان نكاحها تحريمًا مؤبدًا ظاهرًا وباطنًا سواء صدقت أم صدق ووطؤها بملك اليمين لو كانت أمة فملكها لحديث البيهقي: المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا لكن ظاهره يقتضي توقف ذلك على تلاعنهما معًا وليس مرادًا هنا بل يقع بلعان الرجل، وقال مالك: بعد فراغ المرأة، وتظهر فائدة هذا الخلاف في التوارث لو مات أحدهما عقب فراغ الرجل وفيما إذا علق طلاق امرأة بفراق أخرى ثم لاعن الأخرى، وقال الحنفية: لا تقع الفرقة حتى يوقعها الحاكم.

٣٠ - باب التَّلَاعُنِ فِي الْمَسْجِدِ

٥٣٠٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنِ الْمُلَاعَنَةِ وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهَا عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَمْرِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَدْ قَضَى اللَّهُ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ»، قَالَ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَرَغَا مِنَ التَّلَاعُنِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «ذَاكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ». قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلًا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لأُمِّهِ قَالَ: ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ قَالَ: ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ

سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهَا إِلَاّ قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَاّ قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن جعفر) البخاري البيكندي قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن الملاعنة) بفتح العين (وعن السنة فيها عن حديث سهل بن سعد أخي بني ساعدة أن رجلًا من الأنصار) اسمه عويمر العجلاني حليف بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس (جاء إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله أرأيت رجلًا) أي أخبرني عن حكم رجل (وجد مع امرأته رجلًا) يزني بها (أيقتله) أي فتقتلونه قصاصًا لتقدم عمله بحكم القصاص من عموم قوله تعالى: {النفس بالنفس} [المائدة: ٤٥] وقد اختلف فيمن وجد مع امرأته رجلًا فتحقق الأمر فقتله هل نقتله؟ فالجمهور على المنع والقصاص منه إلا إن أتى ببينة على الزنا أو على المقتول بالاعتراف أو اعتراف ورثته فلا يقتل قاتله إذا كان الزاني محصنًا (أم كيف يفعل)؟ أي أيّ شيء يفعل فكيف مفعول يفعل كقوله تعالى: {كيف فعل ربك} [الفيل: ١] إذ معناه أيّ فعل فعل ربك؟ ولا يتجه فيه أن يكون حالًا من الفاعل وعن سيبويه أن كيف ظرف وعن السيرافي والأخفش أنها اسم غير ظرف ورتبوا على هذا الخلاف أمورًا.

أحدها: أن موضعها عند سيبويه نصب دائمًا وعندهما رفع مع المبتدأ نصب مع غيره.

الثاني: أن تقديرها عند سيبويه في أي حال أو على أي حال وعندهما تقديرهما في نحو كيف زيد أصحيح زيد ونحوه وفي نحو كيف جاء زيد أراكبًا جاء زيد ونحوه.

الثالث: أن الجواب المطابق عند سيبويه أن يقال على خير ونحوه، وقال ابن مالك ما معناه لم يقل أحد إن كيف ظرف إذ ليست زمانًا ولا مكانًا ولكنها لما كانت تفسر بقولك على أي حال لكونها سؤالًا عن الأحوال العامة سميت ظرفًا لأنها في تأويل الجارّ والمجرور واسم الظرف يطلق عليها مجازًا انتهى من المغني.

(فأنزل الله في شأنه) في شأن عويمر (ما ذكر في) ولأبي ذر عن الكشميهني من (القرآن من

أمر المتلاعنين) في قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} إلى آخر

الآيات (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له: (قد قضى الله فيك وفي امرأتك) خولة بنت قيس بما أنزله في قوله:

{والذين يرمون أزواجهم} [النور: ٦] (قال) سهل (فتلاعنا في المسجد، وأنا شاهد) وفيه مشروعية تلاعن المسلم في المسجد الجامع وأما زوجته الذمية ففيما تعظمه من بيعة وكنيسة وغيرهما فإن رضي زوجها بلعانها في المسجد وقد طلبته جاز والحائض تلاعن بباب المسجد الجامع لتحريم مكثها فيه ومثلها النفساء والجنب والمتحيرة (فلما فرغا) من تلاعنهما (قال) عويمر: (كذبت عليها

يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين فرغا من التلاعن ففارقها عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) تمسك به من قال: إن الفرقة بين المتلاعنين تتوقف على تطليق الزوج، وأجاب القائلون بأن الفرقة تقع بالتلاعن بقوله في حديث ابن عمر: فرّق النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>