للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليتفرغ قلبه من الشواغل وينال لذة المناجاة ولا ينهمك في الاكتساب ليستريح من طول الحساب أو التشاغل باكتساب المال أفضل ليستكثر به من التقرب بالبر والصلة والصدقة لما فيه من النفع المتعدي، وإذا كان الأمر كذلك، فالأفضل ما اختاره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجمهور أصحابه من التقلل من الدنيا ولكلٍّ من القولين أدلة تأتي إن شاء الله تعالى بفضل الله وإحسانه. والتحقيق أن لا يجاب في هذه المسألة بجواب كلي بل يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص لكن عند الاستواء من كل جهة وفرض رفع العوارض بأسرها فالفقر أسلم عاقبة في الدار الأخرى.

وقد أشار المؤلّف لما ترجم له بقوله: (فيه) أي في الباب (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا وصله ابن ماجة في الصوم عن يعقوب بن حميد بن كاسب عن محمد بن معن بن محمد الغفاري عن أبيه وعن يعقوب بن حميد عن عبد الله بن عبد الله عن محمد بن محمد عن حنظلة بن علي الأسلمي عن أبي هريرة به، والترمذي في الزهد عن إسحاق بن موسى الأنصاري عن محمد بن معن عن أبيه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ الترجمة به، وقال: حسن غريب.

وأخرجه البخاري في التاريخ والحاكم في المستدرك من رواية سليمان بن بلال عن محمد بن عبد الله بن أبي حرة عن عمه حكيم بن أبي حرة عن سليمان الأعرج عن أبي هريرة بلفظ أن للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر.

وأخرجه ابن حبان وقال: معناه أن يطعم ثم لا يعصي بارئه بقوّته ويتم شكره بإتيان طاعته بجوارحه لأن الصائم قرن به الصبر وهو صبره عن المحظورات وقرن بالطاعم الشكر، فيجب أن يكون هذا الشكر الذي يقوم بأداء ذلك الصبر يقاربه ويشاركه وهو ترك المحظورات، وقوله فيه عن أبي هريرة إلخ ثابت في رواية أبي ذر فقط كما في الفرع وأصله.

٥٧ - باب الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ: وَهَذَا مَعِي.

وَقَالَ أَنَسٌ: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مُسْلِمٍ لَا يُتَّهَمُ فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ، وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ

(باب الرجل يدعى إلى طعام) فيتبعه آخر (فيقول) المدعو: (وهذا) رجل (معي) تبعني (وقال أنس) -رضي الله عنه- مما وصله ابن أبي شيبة من طريق عمير الأنصاري (إذا دخلت على مسلم لا يتهم) في دينه ولا ماله ولفظ ابن أبي شيبة على رجل لا تتهمه (فكل من طعامه واشرب من شرابه) وزاد أحمد والحاكم والطبراني ولا تسأله عنه.

ومطابقة هذا الأثر لحديث الباب الآتي إن شاء الله تعالى من جهة كون اللحام لم يكن متهمًا وأكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من طعامه ولم يسأله.

٥٤٦١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَعَرَفَ الْجُوعَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذَهَبَ إِلَى غُلَامِهِ اللَّحَّامِ فَقَالَ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَامِسَ خَمْسَةٍ. فَصَنَعَ لَهُ طُعَيِّمًا، ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا أَبَا شُعَيْبٍ، إِنَّ رَجُلًا تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ». قَالَ لَا بَلْ أَذِنْتُ لَهُ.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود) حميد بن الأسود البصري الحافظ قال: (حدّثنا أبو سلمة) حماد بن أسامة قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان الكوفي قال: (حدّثنا شقيق) أبو وائل بن سلمة قال: (حدّثنا أبو مسعود) عقبة بن عامر (الأنصاري) -رضي الله عنه- (قال: كان رجل من الأنصار يكنى) بسكون الكاف (أبا شعيب وكان له غلام لحام) لم أقف على اسمه (فأتى) أبو شعيب (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في أصحابه فعرف الجوع) وللكشميهني يعرف الجوع (في وجه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذهب إلى غلامه اللحام فقال) له: (اصنع لي طعامًا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي طعيمًا بضم الطاء وفتح العين وتشديد التحتية مصغرًا (يكفي خمسة لعلى أدعو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خامس خمسة فصنع لي

طعيمًا) بالتصغير (ثم أتاه) عليه الصلاة والسلام أبو شعيب (فدعاه فتبعهم رجل) لم أقف على اسمه (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(يا أبا شعيب إن رجلًا تبعنا فإن شئت أذنت له وإن شئت تركته) بتاء الخطاب فيهما (قال) أبو شعيب: (لا) أتركه (بل أذنت له) يا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأكل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ذلك الطعام ولم يسأله لأنه لم يكن عنده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متهمًّا.

وهذا الحديث سبق في باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه من كتاب الأطعمة.

٥٨ - باب إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ فَلَا يَعْجَلْ عَنْ عَشَائِهِ

هذا (باب) بالتنوين (إذا حضر العشاء) بفتح العين مصححًا عليها في الفرع كأصله، وقال الحافظ ابن حجر: إنها الرواية عنده وهو ضدّ الغداء أي إذا حضر أكل وصلاة المغرب (فلا يعجل) أحدكم (عن) أكل (عشائه) بالفتح أيضًا فإذا فرغ

<<  <  ج: ص:  >  >>