للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن القاسم بمهملة فموحدة ثم مثلثة بوزن جعفر في روايته عن حصين بن عبد الرحمن أن ذلك كان ليلة الإسراء وهو محمول على القول بتعدد الإسراء وأنه وقع بالمدينة غير الذي وقع بمكة فعند البزار بسند صحيح قال: أكثرنا الحديث عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم عدنا إليه قال: عرضت عليّ الأنبياء الليلة بأممها (فجعل النبي) بالإفراد (والنبيان) بالتثنية (يمرون معهم الرهط) ما دون العشرة من الرجال أو إلى الأربعين (والنبي) يمر (ليس معه أحد) ممن أخبرهم عن الله لعدم إيمانهم (حتى رفع لي) براء مضمومة وكسر الفاء (سواد عظيم) ضد البياض الشخص يرى من بعد، وفي الرقاق سواد كثير بدل قوله هنا عظيم، وأشار به إلى أن المراد الجنس لا الواحد ولأبي ذر عن الحموي والمستملي حتى وقع لي سواد عظيم بواو وقاف مفتوحتين بدل الراء والفاء والأول هو المحفوظ في جميع طرق هذا الحديث كما قاله في الفتح (قلت: ما هذا) السواد الذي أراه (أمتي هذه قيل هذا) ولأبي ذر عن الكشميهني بل هذا (موسى وقومه قيل انظر إلى الأفق) فنظرت إليه (فإذا سواد يملأ الأفق ثم قيل لي انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء) فنظرت (فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل هذه أمتك) المؤمنون (ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفًا بغير حساب).

فإن قلت: قد ثبت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال إنه يعرف أمته من بين الأمم بأنهم غرّ محجلون فكيف ظن هنا أنهم أمة موسى. أجيب: بأن الأشخاص التي رآها هنا في الأفق لا يدرك منها إلا الكثرة من غير تمييز لأعيانهم لبعدهم وأما الأخرى فمحمولة على ما إذا قربوا منه كما لا يخفى.

(ثم دخل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجرته (ولم يبين لهم) لأصحابه من السبعون ألفًا الداخلون الجنة بغير حساب (فأفاض القوم) في الحديث اندفعوا فيه وناظروا عليه (وقالوا: نحن الذين آمنا بالله) تعالى (واتبعنا رسوله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فنحن) معشر الصحابة (هم أو) هم (أولادنا الذين ولدوا في الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية فبلغ) ذلك القول (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخرج) من حجرته (فقال) الذين يدخلون الجنة

بغير حساب (هم الذين لا يسرقون) مطلقًا ولا يسترقون برقى الجاهلية (ولا يتطيرون) ولا يتشاءمون بالطيور ونحوها كما هو عادتهم قبل الإسلام (ولا يكتوون) يعتقدون أن الشفاء من الكيّ كما كان يعتقد أهل الجاهلية (وعلى ربهم يتوكلون) أي يفوّضون إليه تعالى في ترتيب المسببات على الأسباب أو يتركون الاسترقاء والطيرة والاكتواء فيكون من باب العام بعد الخاص لأن كل واحد منها صفة خاصة من التوكل وهو أعم من ذلك، وقول بعضهم: لا يستحق اسم التوكل إلاّ من لم يخالط قلبه خوف غير الله حتى لو هجم عليه الأسد لا ينزعج وحتى لا يسعى في طلب الرزق لكون الله ضمنه له رده الجمهور، وقالوا: يحصل التوكل بأن يثق بوعد الله ويوقن بأن قضاءه واقع ولا يترك اتباع السنة في اتباع الرزق مما لا بدّ له منه من مطعم ومشرب وتحرز من عدوّ بإعداد السلاح وإغلاق الباب، لكنه مع ذلك لا يطمئن إلى الأسباب بقلبه بل يعتقد أنها لا تجلب نفعًا ولا تدفع ضررًا بل السبب والمسبب فعله والكل بمشيئته لا إله إلا هو، فإذا وقع من المرء ركون إلى السبب قدح في توكله (فقال عكاشة بن محصن): بضم العين المهملة وتشديد الكاف وتخفف ومحصن بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين ثم نون وكان من أجمل الرجال وممن شهد بدرًا (أمنهم أنا يا رسول الله) بهمزة الاستفهام الاستخباري وفي رواية الرقاق وغيرها ادع الله أن يجعلني منهم وجمع بينهما بأنه سأل الدعاء أولاً فدعا له ثم استفهم هل أجيب فقال: أمنهم أنا؟ (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نعم) أنت منهم (فقام آخر) قال الخطيب: هو سعد بن عباد (فقال: أمنهم أنا) يا رسول الله؟ (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سبقك بها عكاشة) قال ذلك له حسمًا للمادة لأنه لو قال نعم لأوشك أن يقول ثالث ورابع وهلم جرًّا وليس كل

<<  <  ج: ص:  >  >>