للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أنس بن مالك) رضى الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(من أحب أن يبسط له في رزقه و) أن (ينسأ) أي يؤخر (له في أثره) أي في أجله (فليصل رحمه).

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأدب والله أعلم.

١٣ - باب مَنْ وَصَلَ وَصَلَهُ اللَّهُ

هذا (باب) بالتنوين (من وصل) رحمه (وصله الله) بأن يتعطف عليه بفضله.

٥٩٨٧ - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى مُزَرِّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّى سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ: نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهْوَ لَكِ» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}» [محمد: ٢٢].

وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: بالجمع (بشر بن محمد) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا معاوية بن أبي مزرّد) بضم الميم وفتح الزاي وتشديد الراء المكسورة بعدها دال مهملة عبد الرحمن مولى هاشم المدني (قال: سمعت عمي سعيد بن يسار) بالتحتية والمهملة المخففة أبا الحباب بضم الحاء المهملة وموحدتين بينهما ألف المدني اختلف في ولائه لمن هو (يحدث عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إن الله) عز وجل (خلق الخلق) جميعهم أو المكلفين ويحتمل أن يكون بعد خلق السماوات والأرض وإبرازها في الوجود أو بعد خلقها كتبًا في اللوح المحفوظ أو بعد انتهاء خلق أرواح بني آدم عند قوله تعالى: {ألست بربكم} [الأعراف: ١٧٢] لما أخرجهم من صلب آدم مثل الذر (حتى إذا فرغ من خلقه) أي قضاهُ وأتمه ونحو ذلك مما يشهد بأنه مجاز. قال الزجاج: الفراغ في اللغة على ضربين. أحدهما: الفراغ من شغل، والآخر القصد لشيء تقول: قد فرغت مما كنت فيه أي قد زال شغلي به، وتقول: سأتفرغ لفلان أي سأجعله قصدي. قال الطيبي في حاشيته على الكشاف: فهو

محمول على مجرد القصد فهو كناية عن التوفر على النكاية ثم استعيرت هذه العبارة للخالق جل جلاله وعز شأنه لذلك المعنى، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {سنفرغ لكم} [الرحمن: ٣١] مستعار من قول الرجل لمن يتهدد سأفرغ لك، والوجه الآخر منزل على الفراغ من الشغل لكن على سبيل التمثيل شبه تدبيره تعالى أمر الآخرة من الأخذ في الجزاء وإيصال الثواب والعقاب إلى المكلفين بعد تدبيره تعالى لأمر الدنيا بالأمر والنهي والإماتة والإحياء والمنع والعطاء، وأنه سبحانه وتعالى لا يشغله شأن عن شأن بحال من إذا كان في شغل يشغله عن شغل آخر إذا فرغ من ذلك الشغل شرع في آخر، وقد ألّم به صاحب المفتاح حيث قال: الفراغ الخلاص من المهامّ، والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن وقع مستعارًا للأخذ في الجزاء وحده وهو المراد من قوله وفع ذلك فراغًا إلى طريق المثل.

(قالت الرحم) بلسان الحال أو بلسان المقال وعلى الثاني هل يخلق الله فيها حياة وعقلاً، وحمله القاضي عياض على المجاز وأنه من ضرب المثل، لكن في حديث عبد الله بن عمر وعند أحمد أنها تكلمت بلسان طلق ذلق، وزاد في سورة القتال: قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن وهو استعارة أيضًا سبق ذكرها في السورة المذكورة، وزاد أيضًا في السورة فقال: مه. فقالت (هذا مقام العائذ) أي قيامي هذا قيام المستجير (بك من القطيعة قال) الله تعالى (نعم أما) بتخفيف الميم (ترضين أن أصل من وصلك) بأن أتعطف عليه وأرحمه (وأقطع من قطعك) فلا أرحمه (قالت: بلى يا رب) رضيت ولأبي ذر بلى وربي (قال) تعالى (فهو) أي قوله أصل من وصلك إلى آخره (لك) بكسر الكاف. قال أبو هريرة: (قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فاقرأوا إن شئتم {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}) [محمد: ٢٢].

وهذا الحديث مر في تفسير سورة القتال.

٥٩٨٨ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ الرَّحِمَ سُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ».

وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة آخره دال مهملة أبو الهيثم البجلي الكوفي القطواني بفتح القاف والطاء المهملة قال: (حدّثنا سليمان) بن بلال أبو محمد مولى الصديق قال: (حدّثنا عبد الله بن دينار) المدني (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(إن الرحم شجنة من الرحمن) بكسر الشين المعجمة مصححًا عليها في الفرع وسكون الجيم بعدها نون ويجوز فتح الأول وضمه. قال في الفتح: رواية ولغة وأصله عروق الشجر المشتبكة والشجن

<<  <  ج: ص:  >  >>