للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الوجه

أوقع يعني أنتم مستوون في كونكم عبيد الله وملتكم ملة واحدة فالتباغض والتحاسد والتدابر مناف لحالكم، فالواجب عليكم أن تكونوا إخوانًا متواصلين متألفين (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه) في الإسلام (فوق ثلاثة أيام) تخصيص الأخ بالذكر إشعار بالعلية ومفهومه أنه إن خالف هذه الشريطة وقطع هذه الرابطة جاز هجرانه فوق ثلاثة فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على ممرّ الأوقات ما لم تظهر التوبة والرجوع إلى الحق.

٥٨ - باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: ٢]

هذا (باب) بالتنوين وهو ساقط في رواية أي ذر {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن} يقال جنبه الشر إذا أبعده عنه وحقيقته جعله في جانب فيتعدى إلى مفعولين قال الله تعالى: {واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام} [إبراهيم: ٣٥] ومطاوعة اجتنب الشر فنقص مفعولاً والمأمور باجتنابه هو بعض الظن وذلك البعض موصوف بالكثرة ألا ترى إلى قوله: {إن بعض الظن إثم} يستحق صاحبه العقاب. قال الفراء: هو ظنك بأهل الخير سوءًا فأما أهل الفسق فلنا أن نظن فيهم مثل الذي ظهر منهم، ويجوز أن يكون من مجاز الحذف تقديره اجتنبوا كثيرًا من اتباع الظن إن اتباع بعض الظن كذب {ولا تجسسوا} [الحجرات: ٢] أي لا تتبعوا عورات المسلمين ومعايبهم.

٦٠٦٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إياكم) كلمة تحذير (والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا) وقد فهم من الآية السابقة. وهذا الحديث الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقديم النهي عن الخوض فيه بالظن فإن قال: الظان: أبحث لأتحقق قيل له {ولا تجسسوا} فإن قال: تحققته من غير تجسس قيل {ولا يغتب بعضكم بعضًا} (ولا تناجشوا) بالنون بعد الفوقية وبعد الألف جيم فشين معجمة مضمومة من النجش وهو أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها بل ليوقع غيره فيها (ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا).

٥٩ - باب مَا يَكُونُ مِنَ الظَّنِّ

(باب ما يكون) ولأبي ذر عن الكشميهني ما يجوز (من الظن).

٦٠٦٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا». قَالَ اللَّيْثُ: كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. [الحديث ٦٠٦٧ - طرفه في: ٦٠٦٨].

وبه قال: (حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء آخره راء هو سعيد بن كثير بن عفير بن مسلم الأنصاري مولاهم البصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد بن عقيل بفتح العين الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها (قالت: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(ما أظن فلانًا وفلانًا) قال: الحافظ ابن حجر لم أقف على تسميتهما (يعرفان من ديننا) دين الإسلام (شيئًا) (قال الليث) بن سعد (كانا رجلين من المنافقين) فالظن فيهما ليس من الظن المنهي عنه لأنه في مقام التحذير من مثل من كان حاله كحال الرجلين والنهي إنما هو عن ظن السوء بالمسلم السالم في دينه وعرضه فالنفي في الحديث لظن النفي لا لنفي للظن، وفي الترجمة إثبات الظن فلا تنافي بينه وبين الترجمة.

٦٠٦٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بِهَذَا، وَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا وَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِى نَحْنُ عَلَيْهِ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي المصري قال: (حدثنا الليث) بن سعد (بهذا) الحديث المذكور (و) فيه (قالت) عائشة -رضي الله عنها- (دخل عليَّ) بتشديد الياء (النبي) رفع فاعل (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومًا) نصب على الظرف (وقال):

(يا عائشة ما أظن فلانًا وفلانًا) بنفي الظن (يعرفان ديننا الذي نحن علينا) وهو دين الإسلام.

٦٠ - باب سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ

(باب ستر المؤمن على نفسه) إذا صدر منه ما يعاب.

٦٠٦٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى، إِلَاّ الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ

عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ».

وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن ابن أخي ابن شهاب) محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم (عن سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب أنه (قال: سمعت أبا هريرة) -رضي الله عنه- (يقول: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(كل أمتي) المسلمون (معافى) بضم الميم وفتح الفاء

<<  <  ج: ص:  >  >>