للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ولا تنفروا) هو كالتفسير لسابقه والسكون ضد النفور كما أن ضد البشارة النذارة، والمراد تأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليه في الابتداء، وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطف ليقبل وكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلاً حبب إلى من يدخل فيه وتلقاه بانبساط وكانت عاقبته في الغالب الازدياد بخلاف ضده.

والحديث مضى في العلم في باب ما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخوّلنا بالموعظة.

٦١٢٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَاّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِنَفْسِهِ فِى شَىْءٍ قَطُّ إِلَاّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي الحارثي (عن مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: ما خير رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم الخاء المعجمة وتشديد التحتية المكسورة (بين أمرين) من أمور الدنيا (قط إلاّ أخذ أيسرهما ما لم يكن) أيسرهما (إثمًا) أي يفضي إلى الإثم (فإن كان) الايسر (إثمًا كان) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أبعد الناس منه) كالتخيير بين المجاهدة في العبادة والاقتصاد فيها فإن المجاهدة إن كانت بحيث تجرّ إلى الهلاك لا تجوز (وما انتقم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنفسه) خاصة (في شيء قط) كعفوه عن الذي جبذه بردائه حتى أثر في كتفه (إلا أن تنتهك) بضم الفوقية وسكون النون وفتح الفوقية والهاء لكن إذا انتهكت (حرمة الله فينتقم) ممن ارتكب ذلك (بها) أي بسببها (لله) عز وجل لا لنفسه.

والحديث سبق في صفة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

٦١٢٧ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كُنَّا عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ بِالأَهْوَازِ قَدْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَجَاءَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِىُّ عَلَى فَرَسٍ فَصَلَّى وَخَلَّى فَرَسَهُ، فَانْطَلَقَتِ الْفَرَسُ فَتَرَكَ صَلَاتَهُ وَتَبِعَهَا حَتَّى أَدْرَكَهَا، فَأَخَذَهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَضَى صَلَاتَهُ وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْىٌ فَأَقْبَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ تَرَكَ صَلَاتَهُ مِنْ أَجْلِ فَرَسٍ، فَأَقْبَلَ فَقَالَ: مَا عَنَّفَنِى أَحَدٌ

مُنْذُ فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ إِنَّ مَنْزِلِى مُتَرَاخٍ فَلَوْ صَلَّيْتُ وَتَرَكْتُ لَمْ آتِ أَهْلِى إِلَى اللَّيْلِ وَذَكَرَ أَنَّهُ صَحِبَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَى مِنْ تَيْسِيرِهِ.

وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الأزدي الأزرق أحد الأعلام (عن الأزرق بن قيس) الحازمي البصري أنه (قال: كنا على شاطئ نهر بالأهواز) موضع بخوزستان بين العراق وفارس (قد نضب) بفتح النون والضاد المعجمة بعدها موحدة ذهب (عنه الماء فجاء أبو برزة) نضلة بن عبيد (الأسلمي) الصحابي (على فرس فصلّى وخلى فرسه) تركها (فانطلقت الفرس فترك صلاته وتبعها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فخلى صلاته واتبعها (حتى أدركها فأخذها ثم جاء فقضى صلاته) أي أدّاها (وفينا رجل له رأي) فاسد بالتنوين للتحقير وإن يرى رأي الخوارج لا يرى ما يرى المسلمون من الدين (فأقبل يقول): وفي أواخر الصلاة فجعل رجل من الخوارج يقول: (انظروا إلى هذا الشيخ ترك صلاته من أجل فرس فأقبل فقال: ما عنفني أحد منذ فارقت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: إن منزلي متراخ) بالخاء المعجمة متباعد (فلو صليت وتركت) الفرس بحذف المفعول ولأبي ذر وتركته (لم آت أهلي إلى الليل وذكر أنه صحب) ولأبي ذر عن المستملي أنه قد صحب (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرأى) بالفاء ولأبي ذر عن المستملي والحموي ورأى (من تيسيره) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثيرًا ما حمله على فعله ذلك إذ لا يجوز له أن يفعله من تلقاء نفسه دون أن يشاهد مثله منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

والحديث سبق في باب إذ انفلتت الدابة في الصلاة من أواخر الصلاة.

٦١٢٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِى الْمَسْجِدِ فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ -أَوْ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ- فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ».

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (ح) لتحويل السند.

(وقال الليث) بن سعد الإمام فيما وصله الذهلي: (حدثني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بالتصغير (ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود (أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- أخبره أن أعرابيًا اسمه ذو الخويصرة اليماني (بال في المسجد) النبوي (فثار) بالمثلثة فهاج (إليه الناس ليقعوا به) ليؤذوه (فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(دعوه) اتركوه يبول في موضعه لأنه لو قطع عليه بوله لتضرر ولو أقاموه في أثنائه لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد (وأهريقوا) بهمزة قطع مفتوحة وسكون الهاء ولأبي ذر وهريقوا بحذف الهمزة وفتح الهاء أي صبوا

(على بوله ذنوبًا من ماء)

<<  <  ج: ص:  >  >>