للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن الحارثة وأخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل فأصيبت إصبعه فارتجز وجعل يقول: هل أنت إلا إصبع الخ وزاد:

يا نفس إلا تقتلي تموتي ... هذي حياض الموت قد صليت

وما تمنيتِ فقد لقيت ... أن تفعلي فعلهما هديت

والصحيح أنه يجوز له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يتمثل بالشعر وينشده حاكيًا له عن غيره.

والحديث مضى في الجهاد.

٦١٤٧ - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ»:

أَلَا كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ ... وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِى الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ

وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة المفتوحة والشين المعجمة المشدّدة ولأبي ذر حدثني بالإفراد محمد بن بشار قال: (حدّثنا ابن مهدي) عبد الرحمن قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبد الملك) بن عمير الكوفي قال: (حدّثنا أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه قال: (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(أصدق كلمة قالها الشاعر) ولمسلم من طريق شعبة وزائدة عن عبد الملك إن أصدق بيت وذلك من وصف المعاني بما توصف به الأعيان كقولهم: شعر شاعر وخوف خائف، ثم يصاغ منه أفعل باعتبار ذلك المعنى مبالغة بما يوصف به فيقال: شعري أشعر من شعره، وخوفي أخوف من خوفه (كلمة لبيد) بفتح اللام وكسر الموحدة ابن ربيعة بن عامر العامري الصحابي من فحول الشعراء (ألا) بالتخفيف استفتاحية (كل شيء) مبتدأ أو مضاف للنكرة مفيد لاستغراق أفرادها نحو كل نفس ذائقة الموت (ما خلا الله باطل) خبر المبتدأ أي فانٍ مضمحل وإنما كان أصدق لأنه موافق لأصدق الكلام وهو قولها {كل من عليها فان} [الرحمن: ٦].

(وكاد) أي قارب (أمية بن أبي الصلت أن يسلم) بضم التحتية وسكون السين المهملة وكسر اللام أي في شعره وكان من شعراء الجاهلية، وأدرك مبادئ الإسلام، وبلغه خبر المبعث، لكنه لم يوفق للإيمان برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان يتعبد في الجاهلية وأكثر في شعره من التوحيد، وكان غوّاصًا على المعاني معتنيًا بالحقائق، ولذا استحسن -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شعره واستزاد من إنشاده، ففي مسلم عن عمرو بن الشريد بفتح الشين المعجمة وكسر الراء وبعد التحتية الساكنة دال مهملة عن أبيه قال: ردفت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: (هل معك من شعر أمية شيء)؟ قلت: نعم قال: (هيه) فأنشدته بيتًا فقال (إن كاد ليسلم). وهيه: كلمة استزادة منوّنة وغير منوّنة مبنية على الكسر. قال ابن السكيت: إن وصلت نوّنت. قلت: هيه حدّثنا وأصله إيه فأبدل من الهمزة هاء.

والحديث سبق في أيام الجاهلية.

٦١٤٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ قَالَ: وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا

وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ»؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. فَقَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. قَالَ: فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ»؟ قَالُوا: عَلَى

لَحْمٍ قَالَ: «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ»؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: «أَوْ ذَاكَ». فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ فَتَنَاوَلَ بِهِ يَهُودِيًّا لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاحِبًا فَقَالَ لِى: «مَا لَكَ»؟ فَقُلْتُ: فِدًى لَكَ أَبِى وَأُمِّى زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. قَالَ: «مَنْ قَالَهُ»؟ قُلْتُ: قَالَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الأَنْصَارِىُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ» وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِىٌّ نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ.

وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي قال: (حدّثنا حاتم بن إسماعيل) بالحاء المهملة الكوفي (عن يزيد بن أبي عبيد) مولى سلمة بن الأكوع (عن سلمة بن الأكوع) - رضي الله عنه- أنه (قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى خيبر فسرنا ليلاً فقال رجل من القوم) هو أسيد بن حضير (لعامر بن الأكوع) وهو عامر بن سنان بن عبد الله بن قشير الأسلمي المعروف بابن الأكوع عم سلمة بن الأكوع واسم الأكوع سنان ويقال أخوه: (لا تسمعنا من هنيهاتك)؟ بضم الهاء وفتح النون وسكون التحتية وبعد الهاء ألف ففوقية فكاف ولأبي ذر عن الكشميهني هنياتك بتحتية مشددة مفتوحة بدلاً من الهاء الثانية أي من كلماتك أو من أراجيزك (قال) سلمة بن الأكوع: (وكان عامر) أي ابن الأكوع (رجلاً شاعرًا فنزل يحدو بالقوم) حال كونه (يقول): قال في الأساس: حدا الإبل حدوًا وهو حادي الإبل وهم حداتها وحدا بها حداء إذا غنى لها. وقال في الفتح: يؤخذ منه جميع الترجمة لاشتماله على الشعر والرجز والحداء ويؤخذ منه أن الرجز من جملة الشعر وقول السفاقسي إن قوله:

(اللهم لولا أنت ما اهتدينا) ليس بشعر ولا رجز لأنه ليس بموزون ليس كذلك بل هو رجز موزون، وإنما زيد في أوّله سبب خفيف ويسمى الخزم بالمعجمتين. وقال في الكواكب: الموزون

<<  <  ج: ص:  >  >>