للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولم يتعرض لأبي اليدين يضعها، وقع في صحيح أبي عوانة أنه قال عقب الحديث: ووضع سهيل يعني راويه عن أبي سعيد عن أبيه يده اليسرى على فيه، وهو محتمل لإرادة التعليم خوف إرادة وضع اليمنى بخصوصها، وفي حديث أبي هريرة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه التثاؤب في الصلاة من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع، فقيّد بحالة الصلاة فيحتمل أن يحمل المطلق على المقيد وللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي في صلاته، ويحتمل أن تكون كراهته في الصلاة أشد، ولا يلزم من ذلك أن لا يكره في غير حالة الصلاة ويؤيد كراهته مطلقًا كونه مطلقًا وبذلك صرح النووي.

بسم الله الرحمن الرحيم

[٧٩ - كتاب الاستئذان]

وهو طلب الإذن في الدخول لمحل لا يملكه المستأذن وقد أجمعوا على مشروعيته وتظاهرت به دلائل القرآن والسنّة.

١ - باب بَدْءِ السَّلَامِ

(باب بدء السلام) بفتح الباء الموحدة وسكون الدال المهملة وبالواو من غير همز، ولأبي ذر بدء بالهمز بمعنى الابتداء أي أوّل ما وقع السلام، وأشار بالترجمة للسلام مع الاستئذان إلى أنه لا يؤذن لمن لم يسلم كما سيأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته في الباب التالي مبحثه.

٦٢٢٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن جعفر) البيكندي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحافظ الصنعاني (عن معمر) هو ابن راشد البصري (عن همام) بفتح الهاء وتشديد الميم (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(خلق الله آدم على صورته) الضمير عائد على آدم أي خلقه تمامًا مستويًا (طوله ستون ذراعًا) لم يتغير عن حاله ولا كان من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم جنينًا ثم طفلاً ثم رجلاً حتى تم طوله فلم يتنقل من الأطوار كذريته، وفيه كما قال ابن بطال: إبطال قول الدهرية أنه لم يكن قط إنسان إلا من نطفة ولا نطفة إلا من إنسان، وقيل: إن لهذا الحديث سببًا حذف من هذه الرواية

وإن أوله قصة الذي ضرب عبده فنهاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذلك وقال له: "إن الله خلق آدم على صورته". رواه (١). وللبخاري في الأدب المفرد وأحمد من طريق ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعًا: لا يقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك، وقيل الضمير لله لما في بعض الطرق على صورة الرحمن أي على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك، وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء وقال التوربشتي: وأهل الحق في ذلك طبقتين.

إحداهما المتنزهون عن التأويل مع نفي التشبيه وإحالة العلم إلى علم الله تعالى الذي أحاط بكل شيء علمًا وهذا أسلم الطريقتين.

والطبقة الأخرى يرون الإضافة فيها إضافة تكريم وتشريف وذلك أن الله تعالى خلق آدم على صورة لم يشاكلها شيء من الصور في الجمال والكمال وكثرة ما احتوت عليه من الفوائد الجليلة. وقال الطيبي: تأويل الخطابي في هذا المقام حسن يجب المصير إليه لأن قوله طوله بيان لقوله على صورته كأنه قيل خلق آدم على ما عرف من صورته الحسنة وهيئته من الجمال والكمال وطول القامة، وإنما خص الطول منها لأنه لم يكن متعارفًا بين الناس، وقال القرطبي: كأن من رواه على صورة الرحمن أورده بالمعنى متمسكًا بما توهمه فغلط في ذلك، وقوله ستون ذراعًا يحتمل أن يريد بقدر ذراع نفسه أو الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين والأول أظهر لأن ذراع كل أحد ربعه، فلو كان بالذراع المعهود كانت يده قصيرة في جنب طول جسده.

(فلما خلقه قال) ولأبي ذر خلقه الله قال: (اذهب فسلّم على أولئك النفر) عدة من الرجال من ثلاثة إلى عشرة. وقال في شرح المشكاة: وتخصيص السلام بالذكر لأنه فتح باب المودّات وتأليف القلوب المؤدي إلى استكمال الإيمان، كما ورد: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا إلى قوله: أفشوا السلام


(١) هكذا بياض بالأصل في أكثر النسخ وفي بعضها رواه أبو داود اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>